responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 125
وَالِاسْتِشْهَادُ أَيْ مَا قَدَّمْنَاهُ وَالشَّفِيعُ هُوَ قَبُولُ الشَّفَاعَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالطَّاعَةِ هُنَا وَقَوْلُهُ " وَضْعًا " أَيْ تَنْزِيلًا لِانْتِفَاءِ الشَّفِيعِ مَنْزِلَةَ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَا يُتَوَهَّمُ وُجُودُهُ فَلَا يُنْفَى لِقَصْدِ نَفْيِهِ فِي ذَاتِهِ بَلْ لِدَلَالَتِهِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ بَعْدَ أَنْ أُشْكِلَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الْفُضَلَاءِ وَظَنُّوهُ مَعْكُوسًا وَكَمْ لَهُ مِثْلُ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ فَهْمِهِ وَتَدْقِيقِهِ وَإِشَارَتِهِ بِالْكَلَامِ الْيَسِيرِ إلَى الْمَعْنَى الْكَثِيرِ الْغَامِضِ، لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ هُنَا قُصُورٌ عَنْ مُرَادِهِ.
وَهُوَ مَوْضِعُ قَلَقٍ، وَكُنْت مِمَّنْ ظَنَّ أَنَّ كَلَامَهُ مَعْكُوسٌ، وَرَأَيْت عَلَيْهِ لِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ حَلًّا لِإِشْكَالِهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا فِي حَلِّهِ وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيَّ بِذَلِكَ وَصَارَتْ صُعُوبَتُهُ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ؛ وَهَكَذَا الْعِلْمُ يَنْفَتِحُ بِأَدْنَى شَيْءٍ، وَإِنِّي لَأُسِرُّ بِمَا مَنَحَنِي اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَرَاهُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَا يَعْدِلُهُ مُلْكٌ وَلَا مَالٌ.
وَأَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ أَنْ أُعْجَبَ بِهِ أَوْ يَحْصُلَ لِي فِي نَفْسِي مِنْهُ كِبْرٌ، لَكِنِّي أَرَاهُ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ عَلَيَّ مَعَ ضَعْفِي وَعَجْزِي وَقِلَّةِ حِيلَتِي وَاعْتِرَافِي بِفَضْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي السُّبْكِيُّ فِي سَنَةِ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

[قَوْله تَعَالَى رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ]
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْله تَعَالَى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] :
مِنْ النَّاسِ مَنْ قَدْ دَبَّرُوا فَتَحَصَّلُوا ... عَلَى نِعْمَةٍ فِي نَسْلِهِمْ هِيَ بَاقِيَهْ
وَمَا لِي تَدْبِيرٌ لِنَفْسِي لَا وَلَا ... لِنَسْلِيَ لَكِنْ نِعْمَةُ اللَّهِ كَافِيَهْ
كَمَا عَالَنِي دَهْرِي كَذَاكَ يَعُولُ مَنْ ... أُخَلِّفُهُ فِي عِيشَةٍ هِيَ رَاضِيَهْ
وَمِنْهُمْ أُنَاسٌ وَفَّرَ اللَّهُ حَظَّهُمْ ... لِخَيْرِهِمْ فِي جَنَّةٍ هِيَ عَالِيَهْ
وَقَوْلِي رَبِّي آتِنَا حَسَنَتَيْهِمَا ... وَثَالِثَةً عَنَّا جَهَنَّمَ وَاقِيَهْ
نَظَمْتُهَا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ سَابِعَ شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِسَبَبِ أَنِّي تَفَكَّرْت فِي حَالِي وَحَالِ أَوْلَادِي وَلِي فِي الْقَضَاءِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَحْصُلُ لَهُمْ مَا يَبْقَى لَهُمْ مِنْ بَعْدِي وَأَقَمْت قَبْلَ ذَلِكَ بِمِصْرَ نَحْوًا مِنْ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ أُحَصِّلَ لَهُمْ رَوَاتِبَ كَثِيرَةً لَمْ أُحَصِّلْ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَافْتَكَرْت قَاضِيَيْنِ فِي دِمَشْقَ ابْنَ أَبِي عَصْرُونٍ وَابْنَ الزَّكِيِّ حَصَّلَا مَا هُوَ بَاقٍ لِذُرِّيَّتِهِمَا إلَى الْيَوْمِ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي مِصْرَ لَمْ يَتْرُكْ لِأَوْلَادِهِ شَيْئًا وَلَا حَصَّلَ لَهُمْ بَعْدَهُ شَيْئًا وَنَفْسِي تَطْلُبُ الْخَيْرَ لِأَوْلَادِي فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ مَمَاتِي فَتَوَكَّلْت عَلَى اللَّهِ وَأَحَلْتُهُمْ عَلَى فَضْلِهِ كَمَا تَفَضَّلَ عَلَيَّ، وَنَظَّمْت هَذِهِ الْأَبْيَاتِ وَأَشَرْت فِي الْبَيْتِ الْأَخِيرِ إلَى قَوْله تَعَالَى

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست