responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 114
الزَّمَخْشَرِيُّ؛ وَإِنَّمَا هِيَ الْإِيمَاءُ إلَى مَا لَا يَتَفَطَّنُ لَهُ الْمُومَأُ فِي حَقِّهِ، وَلَعَلَّ تَسْمِيَتَهَا خَائِنَةً لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمُجَالَسَةِ وَالْمُكَالَمَةِ الْمُصَافَاةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَاسْتِوَاءُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فِي حَقِّ الْمُتَجَالِسِينَ وَالْمُتَخَاطَبِينَ أَمْرٌ يَقْتَضِيهِ أَدَبُ الصُّحْبَةِ وَالْمُجَالَسَةِ وَالْمُخَاطَبَةِ وَكَأَنَّهُ أَمَانَةٌ، وَمُخَالَفَةٌ الْأَمَانَةِ خِيَانَةٌ. وَلَيْسَ كُلُّ خِيَانَةٍ حَرَامًا. فَإِنَّ الْأَمَانَةَ تَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبَةٍ وَمَنْدُوبَةٍ، فَكَذَلِكَ تَنْقَسِمُ الْخِيَانَةُ إلَى حَرَامٍ وَمَكْرُوهٍ وَخِلَافُ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ أَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَلِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِمْ تَكُونُ حَرَامًا فِي حَقِّكُمْ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَحُجَّهُمْ إلَى ذَلِكَ. فَاسْتَوَتْ بَوَاطِنُهُمْ وَظَوَاهِرُهُمْ، وَلَا يُمْكِنُ الِاعْتِذَارُ عَنْ الزَّمَخْشَرِيِّ بِأَنَّ اسْتِرَاقَ النَّظَرِ فَوْقَ حَدِّ التَّكْلِيفِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَفْتَرِقْ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَكَانَ غَيْرَ مَوْصُوفٍ بِالْحُرْمَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ فَلَمَّا افْتَرَقَ الْحَالُ فِيهِ وَجُعِلَ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ حَرَامًا وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمْ حَلَالًا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ فِي مَحَلِّ التَّكْلِيفِ وَالْقُدْرَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ وَلَا يَحْسُنُ إلَى آخِرِهِ فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ لِعَطْفِ الْعَرَضِ عَلَى الْجَوْهَرِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْعَرَضَ يُعْطَفُ عَلَى الْجَوْهَرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] وَقِيلَ لِيَشْمَلَ أَدَقَّ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ وَهُوَ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ تَنْبِيهًا عَلَى أَعْلَاهَا وَأَدَقُّ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَهُوَ مَا تُخْفِيهِ الصُّدُورُ تَنْبِيهًا عَلَى مَا فِيهَا، وَهُوَ مَعْنًى حَسَنٌ، لَكِنْ لَا يَكْفِي وَاَلَّذِي عِنْدِي فِيمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ النَّظْرَةَ الْخَائِنَةَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا مَا تُخْفِيهِ الصُّدُورُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَسَبَبُهَا الْحَامِلُ عَلَيْهَا الَّذِي هُوَ أَخْفَى مِنْهَا مِنْ قَوْلِهِ {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] وَفِي هَذَا زِيَادَةٌ، وَهُوَ أَنَّ الْأَخْفَى هُوَ الْبَاعِثُ عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا مَعْنَى مُسَاعِدَتِهِ لِأَنَّهُ أَخَصُّ بِهِ بِخِلَافِ كَوْنِهِ عَرَضًا مَعَ جَوَاهِرَ أَوْ فِعْلِ قَلْبٍ مَعَ فِعْلِ جَارِحَةٍ فَإِنَّهُ أَمْرٌ عَامٌّ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ وَإِنَّ الْعَيْنَ الْخَائِنَةَ هِيَ الَّتِي تَنْظُرُ إلَى مَا لَا يَنْبَغِي سَوَاءٌ أَكَانَتْ سِرًّا أَمْ جَهْرًا وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادُ بَلْ الْمُرَادُ الْأَسْرَارُ انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى وَاَللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} [غافر: 20] قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ يَعْنِي وَاَلَّذِي هَذِهِ صِفَاتُهُ وَأَحْوَالُهُ لَا يَقْضِي إلَّا بِالْحَقِّ وَكَذَا قَالَ فِي قَوْلِهِ {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ} [الأحزاب: 4] وَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ فِي خُصُوصِ الْكَلَامِ، وَفَكَّرْت فِيهِ فَوَجَدْت لَهُ طَرِيقِينَ:
(أَحَدُهُمَا) مَفْهُومُ الصِّفَةِ فَإِنَّ السَّيِّئَ مَوْصُوفٌ بِالْحَقِّ وَغَيْرِهِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ أَوْ الْقَضَاءِ وَتَخْصِيصُهُ بِإِحْدَى صِفَتَيْ الذَّاتِ يَقْتَضِي نَفْيَهُ عَمَّا عَدَاهَا مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ. وَهَذَا مُطَّرَدٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَغَيْرِهَا فِي كُلِّ كَلَامٍ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي - وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي سُورَةِ غَافِرِ - أَنَّ مَنْ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست