responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 37
وَنُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَغْلَظَ عَلَى مَنْ سَأَلَ عَنْ حَدِيثٍ فِي حَالِ قِيَامِهِ فَكَيْفَ الْحَالُ فِي ذَلِكَ.
الْجَوَابُ: الْآيَةُ الشَّرِيفَةُ وَارِدَةٌ فِي الْحَثِّ عَلَى الذِّكْرِ فِي كُلِّ حَالٍ وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي حَالَةٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عائشة قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» . وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ، وَالْحَدِيثُ بَاقٍ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً، وَمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ أَنَّ السَّامِعَ لِلْمُؤَذِّنِ فِي حَالِ قِيَامِهِ لَا يَجْلِسُ، وَفِي حَالِ جُلُوسِهِ يَسْتَمِرُّ عَلَى جُلُوسِهِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ، وَلَا وَرَدَ قَطُّ فِي حَدِيثٍ لَا صَحِيحٍ، وَلَا ضَعِيفٍ، وَلَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.
فَيَجُوزُ لِلسَّامِعِ إِذَا كَانَ قَائِمًا أَنْ يَجْلِسَ، وَإِذَا كَانَ جَالِسًا أَنْ يَضْطَجِعَ، وَإِذَا كَانَ مُضْطَجِعًا أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الِاضْطِجَاعِ وَيُجِيبَ الْمُؤَذِّنَ حَالَ الِاضْطِجَاعِ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ، وَالْكَرَاهَةُ تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ مِنْ نَهْيٍ خَاصٍّ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى وُجُودِهِ، بَلِ الْآيَةُ الشَّرِيفَةُ دَالَّةٌ عَلَى جَوَازِهِ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ.
وَأَمَّا إِغْلَاظُ الْإِمَامِ مَالِكٍ عَلَى مَنْ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ فِي حَالِ قِيَامِهِ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ وَخُصُوصًا الْحَدِيثَ لَهُ خُصُوصِيَّةٌ فِي التَّوْقِيرِ وَالتَّبْجِيلِ أَعْظَمُ مِمَّا يُطْلَبُ فِي الذِّكْرِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ عَنِ ابن المبارك أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ، وَهُوَ يَمْشِي، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ تَوْقِيرِ الْعِلْمِ. فَكَرِهَ ابن المبارك أَنْ يُسْأَلَ عَنْ حَدِيثٍ، وَهُوَ مَاشٍ فِي الطَّرِيقِ، وَعَدَّهُ مُنَافِيًا لِتَوْقِيرِ الْعِلْمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الذِّكْرَ لِلْمَاشِي فِي الطَّرِيقِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، بَلْ، وَلَا تُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ لِلْمَاشِي كَمَا ذَكَرَهُ النووي وَغَيْرُهُ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: كَانَ مالك إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحَدِّثَ تَوَضَّأَ وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِ فِرَاشِهِ، وَسَرَّحَ لِحْيَتَهُ، وَتَمَكَّنَ فِي جُلُوسِهِ بِوَقَارٍ وَهَيْبَةٍ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أُعَظِّمَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُحَدِّثَ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ وَهُوَ قَائِمٌ، وَأَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ، وَهُوَ مَرِيضٌ، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ فَجَلَسَ فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَدِدْتُ أَنَّكَ لَمْ تَتَعَنَّ، فَقَالَ: كَرِهْتُ أَنْ أُحَدِّثَكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُضْطَجِعٌ.
وَأَخْرَجَ عَنْ ضرار بن مرة قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحَدِّثُوا عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ. فَهَذِهِ آدَابٌ اخْتَصَّ بِهَا نَشْرُ الْحَدِيثِ وَرِوَايَتُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، وَلَا يُطْلَبُ عِنْدَ الذِّكْرِ الِاعْتِنَاءُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ وَالْجُلُوسِ عَلَى صَدْرِ فِرَاشٍ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست