responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 295
جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَأْخِيرِ الْقَبْضِ عَنِ الْعَقْدِ، وَإِنَّ النَّاسَ يُقِرُّونَ بِهِ لِأَجْلِ رَسْمِ الْقَبَالَةِ؛ لِيَقْبِضُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الرُّؤْيَةُ، فَإِنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ وَلَا الشَّرْعُ بِتَأْخِيرِهَا عَنِ الْعَقْدِ حَتَّى نَقُولَ إِنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِأَجْلِ رَسْمِ الْقَبَالَةِ؛ لِيَرَى بَعْدَ ذَلِكَ - هَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا - فَقَدْ عُلِمَ بِهَذَا أَنَّ مَسْأَلَةَ الرُّؤْيَةِ تُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَتْ تُشْبِهُهَا، وَأَنَّهَا تُبَايِنُ مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمِنْهَاجِ بِكُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بِأَمْرٍ عَامٍّ أُنْكِرَ مِنْهُ جُزْئِيَّةٌ خَاصَّةٌ مِنْ لَوَازِمِهِ، مَعَ بَقَائِهِ عَلَى وُقُوعِ أَصْلِ الْعَقْدِ الْمُقَرِّ بِهِ، لَكِنْ بِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ الْإِقْرَارُ فِيهَا وَقَعَ بِجُزْئِيَّةٍ خَاصَّةٍ لَا غَيْرَ، ثُمَّ عَادَ وَأَنْكَرَهَا فَلَا يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ، وَلَا يُسْمَحُ لَهُ بِالتَّحْلِيفِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْأَقَارِيرِ غَالِبًا، وَإِنَّمَا كَانَ يَصْلُحُ لَكُمْ أَنْ تَسْتَدِلُّوا بِمَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ لَوْ كَانَتِ الصُّورَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِعَقْدِ إِجَارَةٍ فَقَطْ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّؤْيَةِ وَلَا غَيْرِهَا، ثُمَّ عَادَ وَقَالَ: لَمْ أَرَ، فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي يُقَالُ فِيهَا لَهُ التَّحْلِيفُ، وَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ وَأَمَّا صُورَتُنَا هَذِهِ فَلَا.
وَإِنَّمَا نَظِيرُ صُورَتِنَا هَذِهِ أَنْ يُقِرَّ بِبَيْعٍ وَرُؤْيَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ وَيَقُولُ: لَمْ أَرَ، فَتَقُولُونَ فِي هَذِهِ: إِنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ. إِنْ قُلْتُمْ لَا فَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ قُلْنَا لَكُمْ: لَا نَقْلَ فِي ذَلِكَ وَالْقَوَاعِدُ تَأْبَاهُ، فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي اسْتَنَدْتُمْ إِلَيْهَا فِي الْمِنْهَاجِ لَيْسَ صُورَتُهَا أَنَّهُ صَرَّحَ بِالْإِقْرَارِ بِالرُّؤْيَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ، وَإِنَّمَا صُورَتُهَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِذَكَرِ شُرُوطِهِ: مِنْ رُؤْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، ثُمَّ عَادَ وَأَنْكَرَ الرُّؤْيَةَ.
وَمِنَ الْعَجَبِ قَوْلُكُمْ: إِنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ عِلَّةِ فَسَادٍ وَعِلَّةٍ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يَمْشِي مَعَكُمْ فِي أَمْرٍ عَامٍّ لَهُ شَرْطٌ فَوَاتُهُ مُفْسِدٌ، لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْإِقْرَارِ، ثُمَّ عَادَ وَذَكَرَهُ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالرُّؤْيَةِ الَّذِي هُوَ مَسْأَلَتُنَا فَلَيْسَ شَيْئًا عَامًّا لَهُ شَرْطٌ فَوَاتُهُ يُفْسِدُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ خَاصٌّ أَقَرَّ بِهِ، ثُمَّ عَادَ وَأَنْكَرَهُ فَلَا يُسْمَعُ، فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ بَوْنًا عَظِيمًا، وَأَنَّ قَوْلَنَا فِي مَسْأَلَةِ إِنْكَارِ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهَا: لَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ الصَّحِيحُ، وَالتَّخْرِيجُ الصَّحِيحُ الرَّجِيحُ، فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إِلَّا بِنَقْلٍ صَرِيحٍ، فَحِينَئِذٍ نَقْبَلُهُ وَنَقُولُ: إِذَا جَاءَ نَهْرُ اللَّهِ بَطَلَ نَهْرُ مَعْقِلٍ.

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست