responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 255
خليل المالكي صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم التلمساني الْمَالِكِيُّ وَخَلْقٌ آخَرُونَ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعَدُّدِ الصُّوَرِ بِالتَّمَثُّلِ وَالتَّشَكُّلِ كَمَا يَقَعُ ذَلِكَ لِلْجَانِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ بَابِ طَيِّ الْمَسَافَةِ وَزَوْيِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ، فَيَرَاهُ الرَّائِيَانِ كُلٌّ فِي بَيْتِهِ وَهِيَ بُقْعَةٌ وَاحِدَةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ طَوَى الْأَرْضَ وَرَفَعَ الْحُجُبَ الْمَانِعَةَ مِنَ الِاسْتِطْرَاقِ، فَظُنَّ أَنَّهُ فِي مَكَانَيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَفْعِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ حَالَ وَصْفِهِ إِيَّاهُ لِقُرَيْشٍ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مِنْ بَابِ عِظَمِ جُثَّةِ الْوَلِيِّ بِحَيْثُ مَلَأَ الْكَوْنَ، فَشُوهِدَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، كَمَا قُرِّرَ بِذَلِكَ شَأْنُ مَلَكِ الْمَوْتِ وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ حَيْثُ يُقْبَضُ مَنْ مَاتَ فِي الْمَشْرِقِ وَفِي الْمَغْرِبِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيُسْأَلُ مَنْ قُبِرَ فِيهِمَا فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ رُؤْيَتَهُ عَلَى صُورَتِهِ الْمُعْتَادَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَحْجُبُ الزَّائِدَ عَنِ الْأَبْصَارِ أَوْ يَدْمُجُ بَعْضَهُ فِي بَعْضٍ، كَمَا قِيلَ بِالْأَمْرَيْنِ فِي رُؤْيَةِ جِبْرِيلَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ، وَخِلْقَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ إِنَّ جَنَاحَيْنِ مِنْ أَجْنِحَتِهِ يَسُدَّانِ الْأُفُقَ.
وَهَا أَنَا أَذْكُرُ بَعْضَ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ، قَالَ الْعَلَّامَةُ علاء الدين القونوي فِي تَأْلِيفٍ لَهُ يُسَمَّى الْإِعْلَامَ، مَا نَصُّهُ: وَفِي الْمُمْكِنِ أَنْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ عِبَادِهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ بِخَاصِّيَّةٍ لِنَفْسِهِ الْمَلَكِيَّةِ الْقُدُسِيَّةِ، وَقُوَّةٍ لَهَا يَقْدِرُ بِهَا عَلَى التَّصَرُّفِ فِي بَدَنٍ آخَرَ غَيْرَ بَدَنِهَا الْمَعْهُودِ مَعَ اسْتِمْرَارِ تَصَرُّفِهَا فِي الْأَوَّلِ، وَقَدْ قِيلَ فِي الْأَبْدَالِ: إِنَّهُمْ إِنَّمَا سُمُّوا أَبْدَالًا؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَرْحَلُونَ إِلَى مَكَانٍ وَيُقِيمُونَ فِي مَكَانِهِمُ الْأَوَّلِ شَبَحًا آخَرَ شَبِيهًا بِشَبَحِهِمُ الْأَصْلِيِّ بَدَلًا عَنْهُ، وَإِذَا جَازَ فِي الْجِنِّ أَنْ يَتَشَكَّلُوا فِي صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَالْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَقَدْ أَثْبَتَ الصُّوفِيَّةُ عَالَمًا مُتَوَسِّطًا بَيْنَ عَالَمِ الْأَجْسَادِ وَعَالَمِ الْأَرْوَاحِ سَمَّوْهُ عَالَمَ الْمِثَالِ، وَقَالُوا: هُوَ أَلْطَفُ مِنْ عَالَمِ الْأَجْسَادِ وَأَكْثَفُ مِنْ عَالَمِ الْأَرْوَاحِ، وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ تَجَسُّدَ الْأَرْوَاحِ وَظُهُورَهَا فِي صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ عَالَمِ الْمِثَالِ، وَقَدْ يُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] ، فَتَكُونُ الرُّوحُ الْوَاحِدَةُ كَرُوحِ جِبْرِيلَ مَثَلًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مُدَبِّرَةً لِشَبَحِهِ الْأَصْلِيِّ وَلِهَذَا الشَّبَحِ الْمِثَالِيِّ، وَيَنْحَلُّ بِهَذَا مَا قَدِ اشْتَهَرَ نَقْلُهُ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ سَأَلَ بَعْضَ الْأَكَابِرِ عَنْ جِسْمِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: أَيْنَ كَانَ يَذْهَبُ جِسْمُهُ الْأَوَّلُ الَّذِي سَدَّ الْأُفُقَ بِأَجْنِحَتِهِ لَمَّا تَرَاءَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ عِنْدَ إِتْيَانِهِ إِلَيْهِ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ؟ وَقَدْ تَكَلَّفَ بَعْضُهُمُ الْجَوَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: كَانَ يَنْدَمِجُ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست