responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 249
وَالْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَقِفَ عَلَى مُتَفَرِّقَاتِ كَلَامِهِمْ فِيهَا، وَأَعْلَمَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا مِمَّنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا، فَرَاجَعْتُ الْأُمَّ فَوَجَدْتُ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْحِنْثِ، وَنَصُّهُ فِي أَبْوَابِ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ مالك وَالشَّافِعِيُّ، قَالَ الربيع: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: مَا لَغْوُ الْيَمِينِ؟ فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي نَذْهَبُ إِلَيْهِ فَمَا قَالَتْ عائشة، أَخْبَرَنَا مالك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة أَنَّهَا قَالَتْ: لَغْوُ الْيَمِينِ قَوْلُ الْإِنْسَانِ: لَا وَاللَّهِ وَبِلَى وَاللَّهِ. فَقُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: مَا الْحُجَّةُ فِيمَا قُلْتَ؟ قَالَ: اللَّغْوُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: الْكَلَامُ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِيهِ، مِنْ جِمَاعِ اللَّغْوِ يَكُونُ الْخَطَأُ، فَخَالَفْتُمُوهُ وَزَعَمْتُمْ أَنَّ اللَّغْوَ حَلِفُ الْإِنْسَانِ عَلَى الشَّيْءِ يَظُنُّ أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُوجَدُ عَلَى خِلَافِهِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَهَذَا ضِدُّ اللَّغْوِ، هَذَا هُوَ الْإِثْبَاتُ فِي الْيَمِينِ بِعَقْدِهَا عَلَى مَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ اللَّهِ {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] مَا عَقَّدْتُمْ بِهِ عُقِدَ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، وَلَوِ احْتَمَلَ اللِّسَانُ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ مَنَعَ مِنِ احْتِمَالِهِ مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ عائشة، وَكَانَتْ أَوْلَى أَنْ تُتَّبَعَ مِنْكُمْ؛ لِأَنَّهَا أَعْلَمُ بِاللِّسَانِ مِنْكُمْ مَعَ عِلْمِهَا بِالْفِقْهِ، هَذَا نَصُّهُ بِحُرُوفِهِ، فَقَوْلُهُ: هَذَا ضِدُّ اللَّغْوِ، إِلَى آخِرِهِ، صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ بِالْحِنْثِ وَالْمُؤَاخَذَةِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي اللَّغْوِ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَصَدَ بِهَذَا الْكَلَامِ الرَّدَّ عَلَى مَالِكٍ، فَإِنَّهُ اخْتَارَ تَفْسِيرَ اللَّغْوِ فِي الْآيَةِ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى ظَنِّهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ، وَإِذَا كَانَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ صَرِيحًا فِي الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ، فَفِي الطَّلَاقِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَالِكًا مُوَافِقٌ عَلَى الْحِنْثِ فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْأُمِّ مَا نَصُّهُ: قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ: إِنَّ الْيَمِينَ الَّتِي لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، فَإِنْ حَنِثَ فِيهَا صَاحِبُهَا: إِنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ إِلَّا أَنَّ لَهَا وَجْهَيْنِ: وَجْهٌ يُعْذَرُ فِيهِ صَاحِبُهُ وَيُرْجَى لَهُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ فِيهَا إِثْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْقَدْ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا كَذِبٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ عَلَى الْأَمْرِ لَقَدْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ جُهْدَهُ وَمَبْلَغَ عِلْمِهِ، فَذَلِكَ اللَّغْوُ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ مِنْهُ الْمَؤُونَةَ عَنِ الْعِبَادِ وَقَالَ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ عَامِدًا لِلْكَذِبِ اسْتِخْفَافًا بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ كَاذِبًا، فَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَعْرِضُ مِنْ ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَإِنَّهُ لَيُقَالُ لَهُ: تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْتَ مِنْ خَيْرٍ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سفيان ثَنَا عمرو بن دينار وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عطاء قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ إِلَى عائشة، وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ فِي سِتْرٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] قَالَتْ: هُوَ: لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَغْوُ الْيَمِينِ كَمَا قَالَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى اللَّجَاجِ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست