responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 137
الْهَمِّ بِتَحْرِيقِ بُيُوتِهِمْ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، أَنَّ هَذَا وَرَدَ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُصَلُّونَ فُرَادَى قَالَ: وَسِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ يُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ، قُلْتُ: إِذَا تَأَمَّلَ الْمُنْصِفُ هَذَا الْكَلَامَ عَرَفَ مِنْهُ أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَائِلٌ بِجَوَازِ الْعُقُوبَةِ بِتَحْرِيقِ الْبُيُوتِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ سِوَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَقَالَ بِمُقْتَضَى الْحَدِيثِ فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ، وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ فَاسْتِدْلَالُهُمْ بِالْحَدِيثِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ أَيْضًا قَائِلُونَ بِجَوَازِ تَحْرِيقِ الْبُيُوتِ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الرافعي فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ: اللَّفْظُ لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْإِحْرَاقِ لِلتَّخَلُّفِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ طَائِفَةً مَخْصُوصِينَ مِنْ صِفَتِهِمْ أَنَّهُمْ يَتَخَلَّفُونَ، فَأَمَّا مُطْلَقُ التَّخَلُّفِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي الزَّجْرَ بِالْإِحْرَاقِ قَالَ: وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي الْأُمِّ بَعْدَ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ: فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ مِنْ هَمِّهِ بِالْإِحْرَاقِ إِنَّمَا قَالَهُ فِي قَوْمٍ تَخَلَّفُوا عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لِنِفَاقٍ، وَقَالَ ابن فرحون المالكي: اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ هُوَ فِي الْمُؤْمِنِينَ أَوِ الْمُنَافِقِينَ؟ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْمُؤْمِنِينَ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: «ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ» " وَالْمُنَافِقُونَ لَا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ قَالَ: وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ "لَقَدْ هَمَمْتُ " تَقْدِيمُ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ عَلَى الْعُقُوبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَفْسَدَةَ إِذَا ارْتَفَعَتْ وَانْدَفَعَتْ بِالْأَخَفِّ مِنَ الزَّوَاجِرِ لَمْ يُعْدَلْ إِلَى الْأَعْلَى انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ أبو الفضل بن حجر فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي الْمُنَافِقِينَ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نِفَاقُ الْمَعْصِيَةِ، لَا نِفَاقُ الْكُفْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ أبي داود: " «ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ» " فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نِفَاقَهُمْ نِفَاقُ مَعْصِيَةٍ، لَا كُفْرٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ إِنَّمَا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَإِذَا خَلَا فِي بَيْتِهِ كَانَ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ القرطبي، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يُسْتَدَلُّ بِالْحَدِيثِ لِكَوْنِ الْجَمَاعَةِ فَرْضَ كِفَايَةٍ، إِذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ التَّهْدِيدُ بِالتَّحْرِيقِ الْمَذْكُورِ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِي حَقِّ تَارِكِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ كَمَشْرُوعِيَّةِ قِتَالِهِمْ، وَقَالَ ابن دقيق العيد فِي الْحَدِيثِ إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَهُمُّ إِلَّا بِمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ لَوْ فَعَلَهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ تَرَكَ، وَلَمْ يَفْعَلْ فَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُمُ انْزَجَرُوا بِذَلِكَ، وَتَرَكُوا التَّخَلُّفَ الَّذِي ذَمَّهُمْ بِسَبَبِهِ، قَالَ الحافظ ابن حجر: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ بَيَانُ سَبَبِ التَّرْكِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أحمد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: " «لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ؛ لَأَقَمْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَأَمَرْتُ فِتْيَانِي يُحَرِّقُونَ مَا فِي الْبُيُوتِ بِالنَّارِ» " فَهَذَا كَلَامُ الْأَئِمَّةِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست