responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 33
وَشِبْهِهِمْ؛ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ تُورِثُ إدْلَالَ الْمُهْدِي وَإِغْضَاءَ الْمُهْدَى إلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ ضَرَرُ الْقَاضِي وَدُخُولُ الْفَسَادِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنَّ الْهَدِيَّةَ تُطْفِئُ نُورَ الْحِكْمَةِ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ: إيَّاكَ وَالْهَدِيَّةَ فَإِنَّهَا ذَرِيعَةُ الرِّشْوَةِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَهَا مِنْ إخْوَانِهِ الَّذِينَ كَانَ يُعْرَفُ لَهُ قَبُولُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ الْوِلَايَةِ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِنْ إخْوَانِهِ، وَقِيلَ لَا يَسُوغُ لَهُ قَبُولُهَا مِنْهُمْ ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ، وَأَجَازَ أَشْهَبُ قَبُولَهَا مِنْ غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ إذَا كَانَ صَدِيقًا وَكَافَأَهُ عَلَيْهَا أَوْ قَرِيبًا.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَقْبَلُهَا إلَّا مِنْ ذِي رَحِمٍ، وَلِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا يَنْبَغِي لِأَمِيرٍ وَلَا لِعَامِلِ صَدَقَةٍ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ وَلَا يَقْبَلَ لَهُ هَدِيَّةً وَلَا مَنْفَعَةً، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ مَعَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَأْكُلُ السَّاعِي إلَّا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَمْ تَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهِيَةِ الْهَدِيَّةِ إلَى السُّلْطَانِ الْأَكْبَرِ وَإِلَى الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَجُبَاةِ الْمَالِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ، «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ» وَهَذَا مِنْ خَوَاصِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْصُومٌ مِمَّا يُتَّقَى عَلَى غَيْرِهِ مِنْهَا، وَلَمَّا رَدَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْهَدِيَّةَ قِيلَ لَهُ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُهَا فَقَالَ كَانَتْ لَهُ هَدِيَّةً وَلَنَا رِشْوَةً؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُتَقَرَّبُ إلَيْهِ لِنُبُوَّتِهِ لَا لِوِلَايَتِهِ، وَنَحْنُ يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَيْنَا لِوِلَايَتِنَا.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ السُّحْتُ بِالْهَدِيَّةِ، وَالْقَتْلُ بِالْمَوْعِظَةِ يُقْتَلُ الْبَرِيءُ لِيَتَّعِظَ بِهِ الْعَامَّةُ» .

[فَصْلٌ ارْتِزَاقُ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ]
قَالَ الْمَازِرِيُّ وَأَمَّا الِارْتِزَاقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ فِي غِنًى عَنْ الِارْتِزَاقِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُنْهَى عَنْ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْمَهَابَةِ وَأَدْعَى لِلنُّفُوسِ إلَى اعْتِقَادِ التَّعْظِيمِ وَالْجَلَالَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى طَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ سَاغَ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ وَمِنْ مُفِيدِ الْحُكَّامِ قَالَ أَصْبَغُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ رِزْقَهُ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ الْجِزْيَةِ أَوْ مِنْ عُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ.

مَسْأَلَةٌ وَكَذَلِكَ الشُّهُودُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ مَا دَامَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا.

نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست