responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 18
ذَلِكَ عَلَيْهِ، بَلْ الْحَاكِمُ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَاكِمٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْإِنْشَاءُ، وَأَمَّا قُوَّةُ التَّنْفِيذِ فَأَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى كَوْنِهِ حَاكِمًا فَقَدْ يُفَوَّضُ إلَيْهِ التَّنْفِيذُ وَقَدْ لَا يَنْدَرِجُ فِي وِلَايَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ وَتَفْرِيقُ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْمَصَالِحِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَتَرْتِيبُ الْجُيُوشِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ وَتَوْزِيعُ الْإِقْطَاعَاتِ وَإِقْطَاعُ الْمَعَادِنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِذْنِ إمَامِ الْوَقْتِ الْحَاضِرِ انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقِيمُ الْحُدُودَ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمَنْقُولُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْحُدُودِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَا يُقِيمُ الْحُدُودَ إلَّا الْحَاكِمُ، قَالَ: هَذَا هُوَ الْأَصْلُ أَنَّهُ لِلْخُلَفَاءِ وَلِلْقُضَاةِ، وَالْقَتْلُ لَا يَكُونُ لِكُلِّ الْقُضَاةِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ لَا تَكُونُ لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ وَلَا لِكُلِّ وَالٍ؛ لِمَا تُؤَدِّي إلَيْهِ الْمُسَارَعَةُ إلَى إقَامَةِ الْحُدُودِ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالتَّهَارُجِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ نَهَى الْوُلَاةَ عَنْ الْقَتْلِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى إقَامَةِ الْحُدُودِ أَحْكَامٌ مِنْ فِسْقِ الْمَحْدُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَجِبُ التَّحَوُّطُ لَهَا بِقَصْرِهَا عَلَى بَعْضِ الْوُلَاةِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ السِّيَاسَةَ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مَدْخَلٌ فَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ سُهَيْلٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ: إنَّ خُطَّةَ الْقَضَاءِ أَعْظَمُ الْخُطَطِ قَدْرًا وَأَنَّهَا إلَيْهَا الْمَرْجِعُ فِي الْجَلِيلِ وَالْحَقِيرِ بِلَا تَحْدِيدٍ وَأَنَّ عَلَى الْقَاضِي مَدَّ الْأَحْكَامِ، وَإِلَيْهِ النَّظَرُ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الْقَضَاءِ مِنْ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالنَّظَرِ فِي الْجِرَاحَاتِ وَالتَّدْمِيَاتِ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ يُبَاشِرُ كُلَّ الْأُمُورِ إلَّا أُمُورًا خَاصَّةً ذَكَرَ ابْنُ سُهَيْلٍ بَعْضَهَا وَاسْتَوْفَاهَا ابْنُ الْأَمِينِ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَأْلِيفِهِ فَقَالَ: وَلِلْقَاضِي النَّظَرُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ إلَّا فِي قَبْضِ الْخَرَاجِ.
وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ قَبْضُ أَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ وَصَرْفُهَا فِي مُسْتَحَقِّيهَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ النَّاظِرُ فَقِيلَ: ذَلِكَ لَهُ، وَقِيلَ لَا، وَهَذَا مُسْتَوْفًى فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ فِي الْمَقْضِيِّ فِيهِ فَانْظُرْهُ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ السِّيَاسَاتِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ الْحَنْبَلِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ عُمُومَ الْوِلَايَاتِ وَخُصُوصَهَا وَمَا يَسْتَفِيدُهُ الْمُتَوَلِّي بِالْوِلَايَةِ يُتَلَقَّى مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْأَحْوَالِ وَالْعُرْفِ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ فَقَدْ يَدْخُلُ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ فِي بَعْضِ الْأَمْكِنَةِ وَفِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ مَا يَدْخُلُ فِي وِلَايَةِ الْحَرْبِ، وَقَدْ تَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ قَاصِرَةٌ عَلَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَطْ،

نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست