responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 13
يُبَاحُ الْحَسَدُ عَلَيْهَا، فَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَيْنِ رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيَعْمَلُ بِهَا» .
وَجَاءَ حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَنْ السَّابِقُونَ إلَى ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالُوا. اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ الَّذِينَ إذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ وَإِذَا حَكَمُوا لِلْمُسْلِمِينَ حَكَمُوا كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ» وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ» الْحَدِيثَ، فَبَدَأَ بِالْإِمَامِ الْعَادِلِ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ»
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَأَنْ أَقْضِيَ يَوْمًا بِالْحَقِّ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ عَامًا، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ إذْ قَضَى يَوْمًا بِالْحَقِّ كَانَ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ سَنَةً فَلِذَلِكَ كَانَ الْعَدْلُ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَعْلَى دَرَجَاتِ الْأَجْرِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42] فَأَيُّ شَرَفٍ أَشْرَفُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَخْوِيفٌ وَوَعِيدٌ فَإِنَّمَا هِيَ فِي قَضَاءِ الْجَوْرِ لِلْعُلَمَاءِ أَوْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ يُدْخِلُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَفِي هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ جَاءَ الْوَعِيدُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» فَقَدْ أَوْرَدَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ فِي مَعْرِضِ التَّحْذِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى شَرَفِ الْقَضَاءِ وَعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ، وَأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَهُ مُجَاهِدٌ لِنَفْسِهِ وَهَوَاهُ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى فَضِيلَةِ مَنْ قَضَى بِالْحَقِّ إذْ جَعَلَهُ ذَبِيحُ الْحَقِّ، امْتِحَانًا لِتَعْظُمَ لَهُ الْمَثُوبَةُ امْتِنَانًا، فَالْقَاضِي لَمَّا اسْتَسْلَمَ لِحُكْمِ اللَّهِ وَصَبَرَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَقَارِبِ وَالْأَبَاعِدِ فِي خُصُومَاتِهَا فَلَمْ تَأْخُذْهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى لَوْمَةُ لَائِمٍ حَتَّى قَادَهُمْ إلَى مُرِّ الْحَقِّ وَكَلِمَةِ الْعَدْلِ وَكَفَّهُمْ عَنْ دَوَاعِي الْهَوَى وَالْعِنَادِ، جُعِلَ ذَبِيحُ الْحَقِّ لِلَّهِ، وَبَلَغَ بِهِ حَالُ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ لَهُمْ الْجَنَّةُ.
«وَقَدْ وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَمَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْقَضَاءَ» فَنِعْمَ الذَّابِحُ وَنِعْمَ الْمَذْبُوحُ فَالتَّحْذِيرُ الْوَارِدُ مِنْ الشَّرْعِ إنَّمَا هُوَ عَنْ الظُّلْمِ لَا عَنْ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ الْجَوْرَ فِي الْأَحْكَامِ وَاتِّبَاعَ الْهَوَى فِيهِ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى

نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست