responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 266
بِمَاءِ الْخَرَاجِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: إنْ سَاقَ إلَى مَا أَحْيَاهُ مَاءَ الْعُشْرِ كَانَتْ أَرْضَ عُشْرٍ، وَإِنْ سَاقَ إلَيْهَا مَاءَ الْخَرَاجِ كَانَتْ أَرْضَ خَرَاجٍ[1].
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ الْمُحْيَاةُ عَلَى أَنْهَارٍ حَفَرَتْهَا الْأَعَاجِمُ فَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى أَنْهَارٍ أَجْرَاهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ؛ كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ فَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّ مَا أُحْيِيَ مِنْ مَوَاتِ الْبَصْرَةِ وَسِبَاخِهَا أَرْضُ عُشْرٍ.
أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ؛ فَلِأَنَّ دِجْلَةَ الْبَصْرَةَ مِمَّا أَجْرَاهُ اللَّهُ تعالى مِنَ الْأَنْهَارِ، وَمَا عَلَيْهَا مِنَ الْأَنْهَارِ الْمُحْدَثَةِ فَهِيَ مُحْيَاةٌ احْتَفَرَهَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْمَوَاتِ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ الْعِلَّةَ فِيهِ أَنَّ مَاءَ الْخَرَاجِ يَفِيضُ فِي دِجْلَةِ الْبَصْرَةِ وَفِي جُزُرِهَا، وَأَرْضُ الْبَصْرَةِ تَشْرَبُ مِنْ مَدِّهَا، وَالْمَدُّ مِنَ الْبَحْرِ، وَلَيْسَ مِنْ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَّ يُفِيدُ الْمَاءَ الْعَذْبَ مِنَ الْبَحْرِ، وَلَا يَمْتَزِجُ بِمَائِهِ وَلَا تُشْرَبُ، وَإِنْ كَانَ الْمَدُّ شَرِبَهَا إلَّا مَاءَ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ.
وَقَالَ أَصْحَابُهُ -مِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ آدَمَ: بَلْ الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّ مَاءَ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ يَسْتَقِرُّ فِي الْبَطَائِحِ، فَيَنْقَطِعُ حُكْمُهُ وَيَزُولُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى دِجْلَةِ الْبَصْرَةِ، فَلَا يَكُونُ مِنْ مَاءِ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّ الْبَطَائِحَ لَيْسَتْ مِنْ أَنْهَارِ الْخَرَاجِ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَطَائِحَ بِالْعِرَاقِ انْبَطَحَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَتَغَيَّرَ حُكْمُ الْأَرْضِ حَتَّى صَارَتْ مَوَاتًا، وَلَمْ يُعْتَبَرْ حُكْمُ الْمَاءِ.
وَسَبَبُهُ مَا حَكَاهُ صَاحِبُ السِّيَرِ أَنَّ مَاءَ دِجْلَةَ كَانَ مَاضِيًا فِي الدِّجْلَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْغَوْرِ الَّذِي يَنْتَهِي إلَى الْبَصْرَةِ مِنَ الْمَدَائِنِ فِي مَنَافِذَ مُسْتَقِيمَةِ الْمَسَالِكِ مَحْفُوظَةِ الْجَوَانِبِ، وَكَانَ مَوْضِعُ الْبَطَائِحِ الْآنَ أَرْضَ مَزَارِعَ وَقُرًى ذَاتِ مَنَازِلَ، فَلَمَّا كَانَ الْمَلِكُ قَبَاءُ بْنُ فَيْرُوزَ انْفَتَحَ فِي أَسَافِلَ كَسُكَّرِ بَثْقٍ عَظِيمٍ أَغْفَلَ أَمْرَهُ حَتَّى غَلَبَ مَاؤُهُ وَغَرِقَ مِنَ الْعِمَارَاتِ مَا عَلَاهُ، فَلَمَّا وَلِيَ أَنُوشِرْوَانَ

[1] قال علاء الدين الكاساني: قال أبو يوسف: إن كانت من حيز أرض العشر فهي عشرية، وإن كانت من حيز أرض الخراج فهي خراجية. وقال محمد: إن أحياها بماء العشر فهي عشرية، وإن أحياها بماء الخراج فهي خراجية، وإن أحياها ذمي فهي خراجية كيف ما كان بالإجماع، وهي من مسائل كتاب العشر والخراج، والله -عز شأنه- أعلم. [بدائع الصنائع: 6/ 195] .
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست