responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المجموع شرح المهذب نویسنده : النووي، أبو زكريا    جلد : 1  صفحه : 30
الْمُجْتَهِدِ وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ أَنْ يَشْرَعَ فِي تَصْنِيفِ مَا لَمْ يَتَأَهَّلْ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَضُرُّهُ فِي دِينِهِ وَعِلْمِهِ وَعِرْضِهِ وَلْيَحْذَرْ أَيْضًا مِنْ إخْرَاجِ تَصْنِيفِهِ مِنْ يَدِهِ إلَّا بَعْدَ تَهْذِيبِهِ وَتَرْدَادِ نَظَرِهِ فِيهِ وَتَكْرِيرِهِ: وَلْيَحْرِصْ عَلَى إيضَاحِ الْعِبَارَةِ وَإِيجَازِهَا فَلَا يُوَضِّحُ إيضَاحًا يَنْتَهِي إلَى الرَّكَاكَةِ وَلَا يُوجِزُ إيجَازًا يُفْضِي إلَى الْمَحْقِ وَالِاسْتِغْلَاقِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اعْتِنَاؤُهُ مِنْ التَّصْنِيفِ بِمَا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ أَكْثَرَ.
وَالْمُرَادُ بِهَذَا أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُصَنَّفٌ يُغْنِي عَنْ مُصَنَّفِهِ فِي جَمِيعِ أَسَالِيبِهِ فَإِنْ أَغْنَى عن بَعْضُهَا فَلْيُصَنِّفْ مِنْ جِنْسِهِ مَا يَزِيدُ زِيَادَاتٍ يُحْتَفَلُ بِهَا مَعَ ضَمِّ مَا فَاتَهُ مِنْ الا ساليب وَلْيَكُنْ تَصْنِيفُهُ فِيمَا يَعُمُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَيَكْثُرُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ: وَلْيَعْتَنِ بِعِلْمِ الْمَذْهَبِ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْأَنْوَاعِ نَفْعًا وَبِهِ يَتَسَلَّطُ الْمُتَمَكِّنُ عَلَى المعظم من باقي العلوم
* ومن آدابه آداب تَعْلِيمِهِ
* اعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيمَ هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بِهِ قِوَامُ الدِّينِ وَبِهِ يُؤْمَنُ إمْحَاقُ الْعِلْمِ فَهُوَ مِنْ أَهَمِّ أُمُورِ الدِّينِ وَأَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ وَآكَدِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِذْ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا تكتمونه) وَقَالَ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا) الْآيَةُ: وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ طُرُقٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ
وَالْأَحَادِيثُ بِمَعْنَاهُ كَثِيرَةٌ وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ: وَيَجِبُ عَلَى الْمُعَلِّمِ أَنْ يَقْصِدَ بِتَعْلِيمِهِ وجه الله تعالى لما سبق والايجعله وَسِيلَةً إلَى غَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ فَيَسْتَحْضِرُ الْمُعَلِّمُ فِي ذهنه كون التعليم آكد العبادات ليكون ذَلِكَ حَاثًّا لَهُ عَلَى تَصْحِيحِ النِّيَّةِ وَمُحَرِّضًا لَهُ عَلَى صِيَانَتِهِ مِنْ مُكَدَّرَاتِهِ وَمِنْ مَكْرُوهَاتِهِ مَخَافَةَ فَوَاتِ هَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَالْخَيْرِ الْجَسِيمِ: قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْتَنِعَ مِنْ تَعْلِيمِ أَحَدٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحِ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ يُرْجَى لَهُ حُسْنُ النِّيَّةِ وَرُبَّمَا عَسُرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُبْتَدِئِينَ بِالِاشْتِغَالِ تَصْحِيحُ النِّيَّةِ لِضَعْفِ نُفُوسِهِمْ وَقِلَّةِ أُنْسِهِمْ بِمُوجِبَاتِ تَصْحِيحِ النِّيَّةِ فَالِامْتِنَاعُ مِنْ تَعْلِيمِهِمْ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ كَثِيرٍ مِنْ الْعِلْمِ مع انه يرجي ببركة العلم تصحيحها إذَا أَنِسَ بِالْعِلْمِ: وَقَدْ قَالُوا طَلَبْنَا الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَأَبَى أَنْ يَكُونَ إلَّا لِلَّهِ: مَعْنَاهُ كَانَتْ عَاقِبَتُهُ أَنْ صَارَ لِلَّهِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّبَ الْمُتَعَلِّمَ عَلَى التَّدْرِيجِ بِالْآدَابِ السُّنِّيَّةِ والشم الْمُرْضِيَةِ وَرِيَاضَةِ نَفْسِهِ بِالْآدَابِ وَالدَّقَائِقِ الْخَفِيَّةِ وَتَعَوُّدِهِ الصِّيَانَةَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ الْكَامِنَةِ وَالْجَلِيَّةِ
* فَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنْ يُحَرِّضَهُ بِأَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ الْمُتَكَرِّرَاتِ عَلَى الْإِخْلَاصِ وَالصِّدْقِ وَحُسْنِ النِّيَّاتِ: وَمُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي جَمِيعِ اللَّحَظَاتِ: وَأَنْ يَكُونَ دَائِمًا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى الْمَمَاتِ: وَيُعَرِّفَهُ أَنَّ بِذَلِكَ تَنْفَتِحُ عليه أبواب المعارف: وينشرح صدره وتتفجر من قبله يَنَابِيعُ الْحِكَمِ وَاللَّطَائِفِ: وَيُبَارَكُ لَهُ فِي حَالِهِ وَعِلْمِهِ وَيُوَفَّقُ لِلْإِصَابَةِ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَحُكْمِهِ: وَيُزَهِّدَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَصْرِفَهُ عَنْ التَّعَلُّقِ بِهَا وَالرُّكُونِ إلَيْهَا وَالِاغْتِرَارِ بِهَا: وَيُذَكِّرَهُ أَنَّهَا فَانِيَةٌ وَالْآخِرَةُ آتِيَةٌ بَاقِيَةٌ وَالتَّأَهُّبُ لِلْبَاقِي وَالْإِعْرَاضُ عَنْ القاني هُوَ طَرِيقُ الْحَازِمِينَ: وَدَأْبُ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَغِّبَهُ فِي الْعِلْمِ وَيُذَكِّرَهُ بِفَضَائِلِهِ وَفَضَائِلِ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وسلامه عليهم: ولا رتبة في الوجود أَعْلَى مِنْ هَذِهِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنُوَ عَلَيْهِ وَيَعْتَنِيَ بِمَصَالِحِهِ كَاعْتِنَائِهِ بِمَصَالِحِ نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَيُجْرِيَهُ مَجْرَى وَلَدِهِ فِي الشَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَالِاهْتِمَامِ بِمَصَالِحِهِ والصبر عل جفائه وسوء أدبه: ويعذره فِي سُوءِ أَدَبٍ وَجَفْوَةٍ تَعْرُضُ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مُعَرَّضٌ لِلنَّقَائِصِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحِبَّ لَهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنْ الْخَيْرِ وَيَكْرَهَ لَهُ مَا يَكْرَهُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ

نام کتاب : المجموع شرح المهذب نویسنده : النووي، أبو زكريا    جلد : 1  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست