responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 335
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْقِرْبَةُ الثَّالِثَةُ مُتَبَعِّضَةٌ فَبَعْضُهَا مِنْ جُمْلَةِ الْقُلَّةِ، وَبَعْضُهَا لَيْسَ مِنْهَا، ولم يكن تكثيراً أَحَدِ الْبَعْضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، بِأَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ، وَجَبَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَعْضَيْنِ، فَجَعَلَ كُلَّ أَحَدٍ مِنْهُمَا نِصْفًا مُسَاوِيًا لِصَاحِبِهِ، وَهُوَ الْقَلِيلُ لَا يَكُونُ لِلِاحْتِيَاطِ فِيهِ تَأْثِيرٌ فَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ خَمْسَ قِرَبٍ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّ مُجَاوَزَةَ الْمَقَادِيرِ لِلِاسْتِيفَاءِ احْتِيَاطٌ لَهَا أَوْلَى كَمَا يَتَجَاوَزُ حَدَّ الْوَجْهِ فِي غَسْلِهِ وَحَدَّ الْعَوْرَةِ وَإِمْسَاكَ شَيْءٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي طَرَفِ الصَّوْمِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الشَّافِعِيُّ لِتَحْدِيدِ الْقِرَبِ بِالْأَرْطَالِ؛ لِأَنَّهُ اكْتَفَى أَهْلُ عَصْرِهِ فِي بَلَدِهِ بِالْقِرَبِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَهُمْ، عَنْ أَنْ يُقَدِّرَ كُلَّ قِرْبَةٍ لَهُمْ كَمَا اكْتَفَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْقِلَالِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ عَنْ أَنْ يُقَدِّرَ كُلَّ قُلَّةٍ لَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ: هَلْ تحديد القلتين تقريب أم تحقيق؟)
ثُمَّ إِنَّ أَصْحَابَنَا مِنْ بَعْدِ الشَّافِعِيِّ لَمَّا نَأَوْا عَنِ الْحِجَازِ وَبَعُدُوا فِي الْبِلَادِ، وَغَابَتْ عَنْهُمْ قِرَبُ الْحِجَازِ، وَجَهَلَ الْعَوَامُّ تَقَادِيرَ الْقِرَبِ التي أخبرهم بها حد الماء يُنَجَّسُ مِنَ الْمَاءِ، وَلَا يُنَجَّسُ اضْطُرُّوا إِلَى تَقْدِيرِ الْقِرَبِ بِالْأَرْطَالِ، لِيَصِيرَ ذَلِكَ مُقَدَّرًا مَعْلُومًا عِنْدَ كَافَّتِهِمْ كَمَا اضْطُرَّ الشَّافِعِيُّ، وَمَنْ عَاصَرَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقِلَالِ، فِي تَقْدِيرِهَا بِالْقِرَبِ فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ بَعْدَ أَنِ اخْتَبَرُوا قِرَبَ الْحِجَازِ عَلَى أَنْ قَدَّرُوا كُلَّ قِرْبَةٍ مِنْهَا بِمِائَةِ رِطْلٍ بِالْعِرَاقِيِّ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدَّرَ ذَلِكَ بِالْأَرْطَالِ مِنْ أَصْحَابِنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَابِرٍ وَأَبُو عَبِيدِ بْنُ جَرَبْوَيْهِ ثُمَّ سَاعَدَهُمْ سَائِرُ أَصْحَابِنَا مُوَافَقَةً لِاخْتِيَارِهِمْ فَصَارَتِ الْقُلَّتَانِ الْمُقَدَّرَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِخَمْسِ قِرَبٍ خَمْسَمِائَةِ رِطْلٍ بِالْعِرَاقِيِّ عِنْدَ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ ذَلِكَ تَقْدِيرُ تَقْرِيبٍ أَوْ تَقْدِيرُ تَحْقِيقٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ حَدُّ تَقْرِيبٍ لَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ فِيهِ بِزِيَادَةِ رِطْلٍ أَوْ رِطْلَيْنِ وَلَا بِنُقْصَانِهِ؛ لِأَنَّ تَحْدِيدَ الْقَلِيلِ بِالْقِرَبِ احْتِيَاطٌ وَتَحْدِيدَ الْقِرَبِ بِالْأَرْطَالِ اسْتِظْهَارٌ فَصَارَ التَّحْقِيقُ فِيهِ مِعْوَزًا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ أَنَّهُ حَدُّ تَحْقِيقٍ يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِزِيَادَةِ الْيَسِيرِ وَنُقْصَانِهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْمَحْدُودُ فِي حُكْمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُبْهَمًا فَيُجْهَلُ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الِاجْتِهَادُ فِي اعْتِبَارِهَا عَهْدَنَا مِنَ الْأُصُولِ قَدْ جَعَلَهُ مَحْدُودًا عَلَى التَّحْقِيقِ.

(مَسْأَلَةٌ: الْفَارِقُ بَيْنَ الْمَاءِ الكثير والقليل)
قال الشافعي: " احتج بأنه قيل يا رسول الله إنك تتوضأ من بئر بضاعة وهي تطرح فيها المحايض وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَمَا يُنْجِي النَّاسُ فَقَالَ: " الْمَاءُ لا ينجسه شيءٌ " قال ومعنى لا ينجسه شيءٌ إذا كان كثيراً لم يغيره النجس. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قَالَ: " خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شيءٌ إلا ما غير ريحه أو طعمه " وقال فيما روي عن ابن عباس أنه نزح زمزم من زنجي مات فيها إما لا نعرفه وزمزم عندنا وروي عن ابن عباسٍ أنه قال: " أربع لا يخبثن "

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست