responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 28
والضرب الثالث: ما اختص بالعلماء بِمَعْرِفَةِ حُكْمِهِ دُونَ الْعَامَّةِ كَنَصْبِ الزَّكَاةِ، وَتَحْرِيمِ المرأة على خالتها وعمتها، وَإِبْطَالِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ من أهل الاجتهاد والفتيات دُونَ الْعَامَّةِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُرَاعَى فِيهِ إجماع غير الفقهاء ومن الْمُتَكَلِّمِينَ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُرَاعَى إِجْمَاعُهُمْ فِيهِ وَيُؤَثِّرُ خِلَافُهُمْ، لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَلَهُمْ مَعْرِفَةٌ بِاعْتِبَارِ الْأُصُولِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ إِجْمَاعَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِيهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَخِلَافُهُمْ فِيهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ أَقْوَمُ بِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ، وَأَكْثَرُ حِفْظًا لِلْفُرُوعِ، وَأَكْثَرُ ارْتِيَاضًا بِالْفِقْهِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ أَهْلَ الِاجْتِهَادِ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُمُ الْمُعْتَبَرُونَ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فَخَالَفَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ لَمْ يَنْعَقِدِ الْإِجْمَاعُ، لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ خَالَفَ الصَّحَابَةَ فِي مَسَائِلَ، وَلَمْ يَجْعَلُوا أَقْوَالَهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، لِتَفَرُّدِهِ بِالْخِلَافِ فِيهِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا هَلْ يَكُونُ خِلَافُ الْوَاحِدِ مَانِعًا مِنَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْإِنْكَارِ أَبَدًا؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا يُمْنَعُ خِلَافُ الْوَاحِدِ إِنْ أَنْكَرَهُ مِنَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْبَاقِينَ إنكار، فيكون ترك التكبير مِنْهُمْ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْخِلَافِ فِيهِمْ، فَأَمَّا مَنْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ كَانَ مَحْجُوبًا بِهِمْ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ قَدِ ارْتَفَعَ الْإِجْمَاعُ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ أَنْكَرُوا قَوْلَهُ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يُنْكِرُوهُ، لأن ممن شهد لله بِالْحَقِّ، وَلِأَنَّ قَوْلَ الْأَقَلِّ غَيْرُ مَحْجُوجٍ بِالْأَكْثَرِ، كَذَلِكَ قَوْلُ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ جَعَلَ قَوْلَ الْأَكْثَرِ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ قَوْلِ الْأَقَلِّ، وَهَكَذَا لَوْ أَجْمَعُوا ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمْ بَطَلَ الْإِجْمَاعُ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ إِجْمَاعَ كُلِّ عَصْرٍ حُجَّةٌ، وَخَصَّ أَهْلُ الظَّاهِرِ الْإِجْمَاعَ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ كُلَّ عَصْرٍ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ فَلَوْ جَازَ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ فِيمَا أَجْمَعُوا حَتَّى لَا يَنْعَقِدَ الْإِجْمَاعُ بِهِ لَبَطَلَ التَّبْلِيغُ وَلَمَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ عَصْرٍ حُجَّةً عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ فَعَلَى هَذَا لَوِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي حَادِثَةٍ أَجْمَعَ التَّابِعُونَ فِيهَا عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِهِمْ بَعْدَ خِلَافِ الصَّحَابَةِ قَبْلَهُمْ، فَذَهَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدِ انْعَقَدَ، وَالْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ قَدِ ارْتَفَعَ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست