responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأم للشافعي نویسنده : الشافعي    جلد : 2  صفحه : 270
مَنْ مَرَّ بِحَائِطٍ، فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَا يَتَّخِذَ خُبْنَةً، وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ، لَوْ كَانَ يَثْبُتُ مِثْلُهُ عِنْدَنَا، لَمْ نُخَالِفْهُ. وَالْكِتَابُ وَالْحَدِيثُ الثَّابِتُ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُ مَالِ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِهِ. وَلَوْ اُضْطُرَّ رَجُلٌ فَخَافَ الْمَوْتَ ثُمَّ مَرَّ بِطَعَامٍ لِرَجُلٍ، لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، مَا يَرُدُّ مِنْ جُوعِهِ، وَيَغْرَمُ لَهُ ثَمَنَهُ، وَلَمْ أَرَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَضْلًا مِنْ طَعَامٍ عِنْدَهُ، وَخِفْت أَنْ يَضِيقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَيَكُونَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ، إذَا خَافَ عَلَيْهِ بِالْمَنْعِ الْقَتْلَ.

[جِمَاعُ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ مِمَّا يَمْلِكُ النَّاسُ]
ُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَصْلُ مَا يَمْلِكُ النَّاسُ مِمَّا يَكُونُ مَأْكُولًا وَمَشْرُوبًا، شَيْئَانِ. أَحَدُهُمَا، مَا فِيهِ رُوحٌ، وَذَلِكَ الَّذِي فِيهِ مُحَرَّمٌ وَحَلَالٌ، وَمِنْهُ مَا لَا رُوحَ فِيهِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ حَلَالٌ، إذَا كَانَ بِحَالِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ الْآدَمِيُّونَ لَمْ يُحْدِثُوا فِيهِ صَنْعَةً خَلَطُوهُ بِمُحَرَّمٍ، أَوْ اتَّخَذُوهُ مُسْكِرًا، فَإِنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ، وَمَا كَانَ مِنْهُ سُمًّا يَقْتُلُ رَأَيْته مُحَرَّمًا، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، حَرَّمَ قَتْلَ النَّفْسِ عَلَى الْآدَمِيِّينَ. ثُمَّ قَتْلَهُمْ أَنْفُسَهُمْ خَاصَّةً، وَمَا كَانَ مِنْهُ خَبِيثًا قَذِرًا فَقَدْ تَرَكَتْهُ الْعَرَبُ تَحْرِيمًا لَهُ بِقَذَرِهِ. وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ، مَا كَانَ نَجِسًا.
وَمَا عَرَفَهُ النَّاسُ سُمًّا يَقْتُلُ، خِفْت أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ رُخْصَةٌ فِي شُرْبِهِ، لِدَوَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَأَكْرَهُ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ، خَلَطَهُ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ يَخْلِطْهُ. وَأَخَافُ مِنْهُ عَلَى شَارِبِهِ وَسَاقِيهِ، أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا نَفْسَهُ وَمَنْ سَقَاهُ. وَقَدْ قِيلَ: يَحْرُمُ الْكَثِيرُ الْبَحْتُ مِنْهُ، وَيَحِلُّ الْقَلِيلُ الَّذِي الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَنْفَعَ وَلَا يَبْلُغَ أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا، وَقَدْ سَمِعْت بِمَنْ مَاتَ مِنْ قَلِيلٍ، قَدْ بَرَأَ مِنْهُ غَيْرُهُ، فَلَا أُحِبُّهُ، وَلَا أُرَخِّصُ فِيهِ بِحَالٍ، وَقَدْ يُقَاسُ بِكَثِيرِ السُّمِّ، وَلَا يَمْنَعُ هَذَا أَنْ يَكُونَ يَحْرُمُ شُرْبُهُ.

تَفْرِيعُ مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1] فَاحْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: 1] إحْلَالَهَا دُونَ مَا سِوَاهَا، وَاحْتَمَلَ إحْلَالَهَا بِغَيْرِ حَظْرِ مَا سِوَاهَا. وَاحْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] وَقَوْلُهُ {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 118] وَمَا أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ، أَنْ يَكُونَ أَبَاحَ كُلَّ مَأْكُولٍ لَمْ يَنْزِلْ تَحْرِيمُهُ فِي كِتَابِهِ نَصًّا، وَاحْتَمَلَ كُلَّ مَأْكُولٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ لَمْ يَنْزِلْ تَحْرِيمُهُ بِعَيْنِهِ نَصًّا أَوْ تَحْرِيمُهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَحْرُمُ بِنَصِّ الْكِتَابِ وَتَحْلِيلُ الْكِتَابِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالِانْتِهَاءِ إلَى أَمْرِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَكُونُ إنَّمَا حَرُمَ بِالْكِتَابِ فِي الْوَجْهَيْنِ. فَلَمَّا احْتَمَلَ أَمْرَ هَذِهِ الْمَعَانِي، كَانَ أَوْلَاهَا بِنَا، الِاسْتِدْلَالَ عَلَى مَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ بِكِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ سُنَّةٍ تُعْرِبُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ أَمْرٍ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي اجْتِمَاعِهِمْ أَنْ يَجْهَلُوا لِلَّهِ حَرَامًا وَلَا حَلَالًا إنَّمَا يُمْكِنُ فِي بَعْضِهِمْ، وَأَمَّا فِي عَامَّتِهِمْ فَلَا، وَقَدْ وَضَعْنَا هَذَا مَوَاضِعَهُ عَلَى التَّصْنِيفِ

نام کتاب : الأم للشافعي نویسنده : الشافعي    جلد : 2  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست