responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأم للشافعي نویسنده : الشافعي    جلد : 2  صفحه : 176
اللَّهُ الْإِحْصَارَ بِالْعَدُوِّ مُطْلَقًا لَمْ يُخَصِّصْ فِيهِ إحْصَارًا بِكَافِرٍ دُونَ مُسْلِمٍ وَكَانَ الْمَعْنَى لِلَّذِي فِي الشِّرْكِ الْحَاضِرِ الَّذِي أَحَلَّ بِهِ الْمُحْصَرُ الْخُرُوجَ مِنْ الْإِحْرَامِ خَوْفًا أَنْ يَنَالَ الْعَدُوُّ مِنْ الْمُحْرِمِ مَا يَنَالُ عَدُوُّهُ فَكَانَ مَعْقُولًا فِي نَصِّ السُّنَّةِ أَنَّ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْحَالِ كَانَ لِلْمُحْرِمِ عُذْرٌ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ إحْرَامِهِ بِهِ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ فِي الْفِتْنَةِ مُعْتَمِرًا فَقَالَ: إنْ صُدِدْت عَنْ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : يَعْنِي أَحْلَلْنَا كَمَا أَحْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِي مِثْلِ الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ بِمَكَّةَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَهْلُ الشَّامِ فَرَأَى أَنَّهُمْ إنْ مَنَعُوهُ أَوْ خَافَهُمْ إنْ لَمْ يَمْنَعُوهُ أَنْ يُنَالَ فِي غِمَارِ النَّاسِ فَهُوَ فِي حَالِ مَنْ أُحْصِرَ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَحِلَّ وَإِنْ أُحْصِرَ بِمُشْرِكِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَوْهُمْ الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يَأْذَنُوا لَهُمْ فِي أَنْ يَحِلُّوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ الرُّجُوعُ وَكَانُوا كَغَيْرِ مُحْصَرِينَ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ لَا يُوثَقُ بِأَمَانِهِ وَيُعْرَفُ غَدْرُهُمْ فَيَكُونُ لَهُمْ الِانْصِرَافُ إذَا كَانُوا هَكَذَا بَعْدَ الْإِحْلَالِ، وَلَوْ كَانُوا مِمَّنْ يُوثَقُ بِأَمَانِهِ بَعْدُ فَأَعْطَوْهُ أَنْ يَدْخُلَ فَيَحِلُّ عَلَى جُعْلٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، لَمْ أَرَ أَنْ يُعْطُوهُمْ شَيْئًا لِأَنَّ لَهُمْ عُذْرًا فِي الْإِحْصَارِ يَحِلُّ لَهُمْ بِهِ الْخُرُوجُ مِنْ الْإِحْرَامِ وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَنَالَ مُشْرِكٌ مِنْ مُسْلِمٍ أَخْذَ شَيْءٍ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ الصَّغَارَ وَلَوْ فَعَلُوا مَا حُرِّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَرِهْته لَهُمْ كَمَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مَا وَهَبُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَمُبَاحٌ لِلْمُحْصَرِ قِتَالُ مَنْ مَنَعَهُ مِنْ الْبَيْتِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَمُبَاحٌ لَهُ الِانْصِرَافُ عَنْهُمْ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ فَقَاتَلَهُمْ وَانْصَرَفَ عَنْهُمْ وَلَوْ قَاتَلَهُمْ الْمُحْصَرُ فَقَتَلَ وَجَرَحَ وَأَصَابَ دَوَابَّ إنْسِيَّةً فَقَتَلَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ غُرْمٌ وَلَوْ قَاتَلَهُمْ فَأَصَابَ لَهُمْ صَيْدًا يَمْلِكُونَهُ جَزَاهُ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَضْمَنْ لَهُمْ شَيْئًا، وَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ لِمَنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ لَا يُقَاتِلُهُمْ فَأَصَابَهُ جَزَاهُ بِمِثْلِهِ وَضَمِنَهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ مَكَّةَ لَيْسَتْ بِدَارِ حَرْبٍ فَيُبَاحُ مَا فِيهَا.
وَلَوْ كَانَ الْوَحْشُ لِغَيْرِ مَالِكٍ جَزَاهُ الْمُحْرِمُ بِمِثْلِهِ إنْ شَاءَ مَكَانَهُ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ فِدْيَةَ الرَّأْسِ فِي مَكَانِهِ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا كَعْبًا وَجَعَلَ الْهَدْيَ فِي مَكَانِهِ وَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا سَاقَ مِنْ الْهَدْيِ تَطَوُّعًا فِي مَكَانِهِ فَيَكُونُ حَالُ الْإِحْصَارِ غَيْرَ حَالِ الْوُصُولِ وَلَوْ كَرِهْت أَنْ يُوَصِّلَهُ إلَى الْبَيْتِ لَمْ أَكْرَهْ ذَلِكَ إلَّا لَأَنْ يَحْدُثَ عَلَيْهِ حَدَثٌ فَلَا يُقْضَى عَنْهُ

وَلَوْ أُحْصِرَ قَوْمٌ بِعَدُوٍّ فَأَرَادُوا الْإِحْلَالَ ثُمَّ قَاتَلُوهُمْ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا وَلَوْ أُحْصِرَ قَوْمٌ بِعَدُوٍّ غَيْرَ مُقِيمِينَ بِمَكَّةَ أَوْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُحْصِرُوا فِيهِ فَكَانَ الْمُحْرِمُ يُؤَمِّلُ انْصِرَافَهُمْ وَيَأْمَنُهُمْ فِي مَكَانِهِ لَمْ أَرَ أَنْ يَنْصَرِفَ أَيَّامًا ثَلَاثًا وَلَوْ زَادَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَلَوْ انْصَرَفَ بَعْدَ إحْلَالِهِ وَلَمْ يُتِمَّ ثَلَاثًا جَازَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى انْصِرَافِ الْعَدُوِّ مُغَيَّبٌ وَقَدْ يُرِيدُونَ الِانْصِرَافَ ثُمَّ لَا يَنْصَرِفُونَ وَلَا يُرِيدُونَهُ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ وَإِنَّمَا كَانَ مُقَامُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ مُرَاسَلَةَ الْمُشْرِكِينَ وَمُهَادَنَتَهُمْ، وَلَوْ أُحْصِرَ قَوْمٌ بِعَدُوٍّ دُونَ مَكَّةَ وَكَانَ لِلْحَاجِّ طَرِيقٌ عَلَى غَيْرِ الْعَدُوِّ رَأَيْت أَنْ يَسْلُكُوا تِلْكَ الطَّرِيقَ إنْ كَانُوا يَأْمَنُونَ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ رُخْصَةٌ فِي الْإِحْلَالِ وَهُمْ يَأْمَنُونَ فِيهَا أَنْ يَصِلُوا إلَى الْبَيْتِ وَيَقْدِرُوا فَإِنْ كَانَتْ طَرِيقُهُمْ الَّتِي يَأْمَنُونَ فِيهَا بَحْرًا لَا بَرًّا، لَمْ يَلْزَمْهُمْ رُكُوبُ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ مَخُوفُ تَلَفٍ وَلَوْ فَعَلُوا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَإِنْ كَانَ طَرِيقُهُمْ بَرًّا وَكَانُوا غَيْرَ قَادِرِينَ عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا إذَا كَانُوا غَيْرَ قَادِرِينَ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْبَيْتِ مُحْصَرِينَ بِعَدُوٍّ فَإِنْ كَانَ طَرِيقُهُمْ بَرًّا يَبْعُدُ وَكَانُوا قَادِرِينَ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْبَيْتِ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَبَدَانِ وَكَانَ الْحَجُّ يَفُوتُهُمْ وَهُمْ مُحْرِمُونَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا

نام کتاب : الأم للشافعي نویسنده : الشافعي    جلد : 2  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست