responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 172
بَيَّنَ الشَّرْعُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ سُقُوطَ حُكْمِهَا مِثْلَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ: «لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ» وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَظْهَرَ هُمَا الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ: أَعْنِي قَوْلَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ) .

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ الَّتِي تَرْفَعُهَا الْكَفَّارَةُ وَالَّتِي لَا تَرْفَعُهَا]
وَهَذَا الْفَصْلُ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي الْأَيْمَانِ بِاللَّهِ الْمُنْعَقِدَةِ، هَلْ يَرْفَعُ جَمِيعَهَا الْكَفَّارَةُ، سَوَاءٌ أَكَانَ حَلِفًا عَلَى شَيْءٍ مَاضٍ أَنَّهُ كَانَ فَلَمْ يَكُنْ وَهِيَ الَّتِي تُعْرَفُ بِالْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَذَلِكَ إِذَا تَعَمَّدَ الْكَذِبَ ; أَوْ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْحَالِفِ أَوْ مِنْ قِبَلِ مَنْ هُوَ بِسَبَبِهِ فَلَمْ يَكُنْ. فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَيْسَ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ كَفَّارَةٌ، وَإِنَّمَا الْكَفَّارَةُ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِذَا خَالَفَ الْيَمِينَ الْحَالِفُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ: يَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ، أَيْ تُسْقِطُ الْكَفَّارَةُ الْإِثْمَ فِيهَا كَمَا تُسْقِطُهُ فِي غَيْرِ الْغَمُوسِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ عُمُومِ الْكِتَابِ لِلْأَثَرِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] الْآيَةَ، تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ كَفَارَّةٌ لِكَوْنِهَا مِنَ الْأَيْمَانِ الْمُنْعَقِدَةِ.
وَقَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ» يُوجِبُ أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ لَيْسَ فِيهَا كَفَّارَةٌ.
وَلَكِنْ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنَ الْأَيْمَانِ الْغَمُوسِ مَا لَا يُقْتَطَعُ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ، وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ، أَوْ يَقُولَ: إِنَّ الْأَيْمَانَ الَّتِي يُقْتَطَعُ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ قَدْ جَمَعَتِ الظُّلْمَ وَالْحِنْثَ، فَوَجَبَ أَلَّا تَكُونَ الْكَفَّارَةُ تَهْدِمُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، أَوْ لَيْسَ يُمْكِنُ فِيهَا أَنْ تَهْدِمَ الْحِنْثَ دُونَ الظُّلْمِ، لِأَنَّ رَفْعَ الْحِنْثِ بِالْكَفَّارَةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّوْبَةِ، وَلَيْسَ تَتَبَعَّضُ التَّوْبَةُ فِي الذَّنْبِ الْوَاحِدِ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ تَابَ وَرَدَّ الْمَظْلَمَةَ وَكَفَّرَ سَقَطَ عَنْهُ جَمِيعُ الْإِثْمِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيةُ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَالَ: أَنَا كَافِرٌ بِاللَّهِ، أَوْ مُشْرِكٌ بِاللَّهِ، أَوْ يَهُودِيٌّ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ ; إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ ; هَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَلَا هَذِهِ يَمِينٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ يَمِينٌ وَعَلَيْهِ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إِذَا خَالَفَ الْيَمِينَ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَيْضًا.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي هَلْ يَجُوزُ الْيَمِينُ بِكُلِّ مَا لَهُ حُرْمَةٌ أَمْ لَيْسَ يَجُوزُ إِلَّا بِاللَّهِ فَقَطْ؟ ثُمَّ إِنْ وَقَعَتْ فَهَلْ تَنْعَقِدُ أَمْ لَا؟ .
فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْأَيْمَانَ الْمُنْعَقِدَةَ: أَعْنِي

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست