responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 258
لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ دَلَّ أَنَّهَا تَابِعَةٌ، وَمَا كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ فِي حُكْمٍ لَا يَسْتَتْبِعُ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، فَكَانَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا مَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً، فَوَلَدَتْ وَلَدًا قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ وَلَدَ وَلَدُهَا وَلَدًا لَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ الثَّانِي حِصَّةٌ مِنْ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي نَفْسِهِ تَابِعٌ فَلَا يَسْتَتْبِعُ غَيْرَهُ كَذَا هَهُنَا وَاَللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَعْلَمُ.

وَيَتَّصِلُ بِمَا ذَكَرْنَا الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَالْحَطُّ عَنْ الثَّمَنِ وَالْكَلَامُ فِيهِمَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهُمَا فِي أَصْلِ الْجَوَازِ أَنَّهُمَا جَائِزَانِ أَمْ لَا، وَالثَّانِي فِي شَرَائِطِ الْجَوَازِ، وَالثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ الْجَوَازِ (أَمَّا) الْأَوَّلُ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَالَ أَصْحَابُنَا الثَّلَاثَةُ: الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ جَائِزَةٌ مَبِيعًا وَثَمَنًا كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْمَزِيدِ عَلَيْهِ وَالزِّيَادَةِ جَمِيعًا مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مَبِيعًا وَثَمَنًا وَلَكِنْ تَكُونُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً فَإِنْ قَبَضَهَا صَارَتْ مِلْكًا لَهُ وَإِلَّا تَبْطُلُ وَأَظْهَرُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِثْلُ قَوْلِنَا إنْ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَقَوْلُهُ مِثْلُ قَوْلِ زُفَرَ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي زِدْتُكَ خَمْسَمِائَةٍ أُخْرَى ثَمَنًا وَقَبِلَ الْبَائِعُ، أَوْ قَالَ الْبَائِعُ: زِدْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ الْآخَرَ، أَوْ قَالَ هَذَا الثَّوْبَ مَبِيعًا وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي جَازَتْ الزِّيَادَةُ كَانَ الثَّمَنُ فِي الْأَصْلِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَالْمَبِيعُ فِي الْأَصْلِ عَبْدَانِ، أَوْ عَبْدٌ، وَثَوْبٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ.
وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ مِائَةَ دِرْهَمٍ جَازَتْ الزِّيَادَةُ كَانَ الثَّمَنُ فِي الْأَصْلِ أَلْفًا وَمِائَةً تَنْقَسِمُ الزِّيَادَةُ عَلَى قِيمَتِهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِعَبْدٍ ثَمَنٌ مُسَمًّى أَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنٌ مُسَمًّى وَزَادَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ مِائَةً مُطْلَقًا انْقَسَمَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الْوَارِثَيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلَفَ الْمُوَرِّثَ فِي مِلْكِهِ الْقَائِمِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَلَا تَرَى: أَنَّهُ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ كَانَ الْوَارِثُ حَيًّا قَائِمًا فَزَادَ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزِّيَادَةُ مِنْ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِتَوْلِيَةٍ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ قِبَلِ الْمُوَكِّلِ.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا شَكَّ أَنَّ عِنْدَهُمَا: لَا تَجُوزُ وَأَمَّا عِنْدَنَا: فَإِنْ زَادَ بِأَمْرِ الْعَاقِدِ جَازَ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي الزِّيَادَةِ، وَإِنْ زَادَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَقَفَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى إجَازَتِهِ إنْ أَجَازَ جَازَتْ، وَإِنْ رَدَّ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ الزَّائِدُ الزِّيَادَةَ فَيَجُوزُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْعَاقِدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْأَجْنَبِيِّ بِمُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ شَيْءٌ.
وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِيمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ خَمْسَمِائَةٍ سِوَى الْأَلْفِ عَلَى رَجُلٍ ضَمِنَهُ وَقَبِلَ فَالْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي، وَالْخَمْسُمِائَةِ عَلَى الثَّالِثِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا بِالْخَمْسِمِائَةِ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ بِعْ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَكَ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسَمِائَةٍ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ صَحِيحٌ، وَالْخَمْسُمِائَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَكَ خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ بَاطِلًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى فِي النِّكَاحِ.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْمَنْكُوحَةِ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ فَلَا تَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزِّيَادَةُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا تَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ فَلَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ اسْتِحْسَانًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ جَائِزٌ قِيَاسًا وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ بَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الرَّهْنِ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الدَّيْنِ نَذْكُرُهُ فِي (كِتَابِ الرَّهْنِ) .
وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ حَطُّ بَعْضِ الثَّمَنِ أَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَيَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَالثَّمَنِ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الِابْتِدَاءِ حَتَّى إنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ دَارًا فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ، وَعِنْدَهُمَا هُوَ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ إلَّا أَنَّ قِيَامَ الدَّيْنِ عَلَيْهِ أَوْ كَوْنَهُ قَابِلًا لِاسْتِئْنَافِ الْعَقْدِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَطِّ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَفِي الزِّيَادَةِ خِلَافٌ نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَجْهُ) قَوْلِ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الثَّمَنَ وَالْمَبِيعَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْإِضَافِيَّةِ الْمُتَقَابِلَةِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ مَبِيعٌ بِلَا ثَمَنٍ، وَلَا ثَمَنٌ بِلَا مَبِيعٍ، فَالْقَوْلُ بِجَوَازِ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ مَبِيعًا وَثَمَنًا قَوْلٌ بِوُجُودِ الْمَبِيعِ وَلَا ثَمَنَ وَالثَّمَنِ وَلَا مَبِيعَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ اسْمٌ لِمَالٍ يُقَابِلُ مِلْكَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الثَّمَنُ وَالثَّمَنُ اسْمٌ لِمَالٍ يُقَابِلُ مِلْكَ الْبَائِعِ وَهُوَ الْمَبِيعُ.
فَالزِّيَادَةُ مِنْ الْبَائِعِ لَوْ صَحَّتْ مَبِيعًا لَا تُقَابِلُ مِلْكَ الْمُشْتَرِي بَلْ تُقَابِلُ مِلْكَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَلَوْ صَحَّتْ مِنْ الْمُشْتَرِي ثَمَنًا لَا تُقَابِلُ مِلْكَ الْبَائِعِ بَلْ تُقَابِلُ مِلْكَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ فَلَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ مَبِيعًا وَثَمَنًا؛ لِانْعِدَامِ حَقِيقَةِ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ فَيُجْعَلُ مِنْهُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً، وَلِأَنَّ كُلَّ الْمَبِيعِ لَمَّا صَارَ مُقَابَلًا بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَكُلُّ الثَّمَنِ مُقَابَلٌ بِكُلِّ الْمَبِيعِ فَالزِّيَادَةُ لَوْ صَحَّتْ مَبِيعًا، وَثَمَنًا لَخَلَتْ عَمَّا يُقَابِلُهُ، فَكَانَتْ فَضْلَ مَالٍ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ الرِّبَا.
(وَلَنَا)

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست