responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 25
وَاخْتِيَارُ الْأَوَّلِ، لَا تُسْتَعْمَلُ لَفْظَةُ " لَا يَنْبَغِي " إلَّا فِي مِثْلِهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَضَى جَازَ وَنَفَذَ قَضَاؤُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ؛ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الِاجْتِهَادِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِمَذْهَبِ الْمُخَالِفِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ إنَّمَا يَنْفُذُ بِشَرِيطَةِ اعْتِقَادِ إصَابَتِهِ فِيهِ وَإِفْضَاءِ اجْتِهَادِهِ إلَيْهِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْقَضِيَّةَ فِي النَّفَاذِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الشَّرْطِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ، ثُمَّ إنْ ثَبَتَ الْخِلَافُ.
(فَوَجْهُ) قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الدَّخِيلِ عَنْ الشَّفِيعِ، وَالْقَضَاءُ قَبْلَ إحْضَارِ الثَّمَنِ يَتَضَمَّنُ الضَّرَرَ بِالْمُشْتَرِي لِاحْتِمَالِ إفْلَاسِ الشَّفِيعِ وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْإِنْسَانِ بِإِضْرَارِ غَيْرِهِ مُتَنَاقِضٌ فَلَا يُقْضَى قَبْلَ الْإِحْضَارِ وَلَكِنْ يُؤَجِّلُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً إنْ طَلَبَ التَّأْجِيلَ تَمْكِينًا لَهُ مِنْ نَقْدِ الثَّمَنِ.
(وَجْهُ) ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا الْمَشْفُوعَ فِيهِ بِمُقْتَضَى الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَالتَّمَلُّكُ بِالشِّرَاءِ لَا يَقِفُ عَلَى إحْضَارِ الثَّمَنِ كَمَا فِي الشِّرَاءِ الْمُبْتَدَإِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ ضَرَبَ لَهُ الْقَاضِي أَجَلًا فَقَالَ لَهُ إنْ لَمْ تَأْتِ بِالثَّمَنِ إلَى وَقْتِ كَذَا فَلَا شُفْعَةَ لَكَ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَكَذَا إذَا قَالَ الشَّفِيعُ إنْ لَمْ أُعْطِكَ الثَّمَنَ إلَى وَقْتِ كَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ إسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ بِالشَّرْطِ وَالْإِسْقَاطَاتُ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ فِي الشُّفْعَةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ شَرْطِ التَّمَلُّكِ فَالتَّمَلُّكُ بِالشُّفْعَةِ لَهُ شَرْطَانِ: أَحَدُهُمَا: رِضَا الْمُشْتَرِي أَوْ قَضَاءُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَ مَالِ الْغَيْرِ مِمَّا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ فِي الشَّرْعِ إلَّا بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يَثْبُتُ التَّمَلُّكُ بِدُونِهِمَا، وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ التَّمَلُّكُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ فَإِنْ تَضَمَّنَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ؛ لِأَنَّ فِي التَّفْرِيقِ ضَرَرًا بِالْمُشْتَرِي وَهُوَ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ، وَدَفْعُ الضَّرَرِ بِالضَّرَرِ مُتَنَاقِضٌ.
وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ مَا إذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الْمُشْتَرَى بِالشُّفْعَةِ دُونَ بَعْضِهِ أَنَّهُ هَلْ يَمْلِكُ ذَلِكَ؟ فَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الْمُشْتَرَى لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ مُمْتَازًا عَنْ الْبَعْضِ وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ اشْتَرَى دَارًا وَاحِدَةً فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا بِالشُّفْعَةِ دُونَ الْبَعْضِ أَوْ يَأْخُذَ الْجَانِبَ الَّذِي يَلِي الدَّارَ دُونَ الْبَاقِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْكُلَّ أَوْ يَدَعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ لَتَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فِي كُلِّ الدَّارِ ثَبَتَ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ فَكَانَ أَخْذُ الْبَعْضِ تَفْرِيقًا فَلَا يَمْلِكُهُ الشَّفِيعُ؛ وَسَوَاءٌ اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ لَيْسَ لَهُ؛ لِمَا قُلْنَا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَرُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ.
(وَجْهُ) هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ التَّمَلُّكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى التَّفْرِيقِ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ يَقَعُ عَلَى الْبَائِعِ وَقَدْ خَرَجَ نَصِيبُهُ عَنْ مِلْكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَرَرُ التَّفْرِيقِ؛ وَهُوَ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَقَعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ وَفِيهِ تَفَرُّقُ مِلْكِهِ؟ وَالصَّحِيحُ جَوَابُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَبِمِلْكِ نَصِيبِ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ تَفْرِيقَ مِلْكِهِ فَيَلْزَمُهُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ هُنَا لَا يَتَضَمَّنُ التَّفْرِيقَ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ حَصَلَتْ مُتَفَرِّقَةً وَقْتَ وُجُودِهَا؛ إذْ الْمِلْكُ فِي نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَبَتَ بِقَوْلِهِ فَلَمْ تَتَّحِدْ الصَّفْقَةُ فَلَا يَقَعُ الْأَخْذُ تَفْرِيقًا؛ لِحُصُولِ التَّفْرِيقِ قَبْلَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا الْكُلَّ وَبَعْدَ الْقَبْضِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ.
(وَجْهُ) هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ أَخْذَ الْبَعْضِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَتَضَمَّنُ تَفْرِيقَ الْيَدِ عَلَى الْبَائِعِ، وَالتَّمَلُّكُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَضَمَّنُ التَّفْرِيقَ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ يَقَعُ عَلَى الْبَائِعِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَ الْمُشْتَرِيَيْنِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ حِصَّتَهُ دُونَ صَاحِبِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
(وَجْهُ) ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّفْقَةَ حَصَلَتْ مُتَفَرِّقَةً مِنْ الِابْتِدَاءِ فَلَا يَكُونُ أَخْذُ الْبَعْضِ تَفْرِيقًا لِحُصُولِ التَّفْرِيقِ قَبْلَ الْأَخْذِ وَقَوْلُهُ فِيهِ تَفْرِيقُ الْيَدِ - وَهُوَ الْقَبْضُ - مَمْنُوعٌ فَالشَّفِيعُ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ بِالشُّفْعَةِ وَلَكِنَّهُ لَا يُفَرِّقُ الْيَدَ حَتَّى لَوْ نَقَدَ الثَّمَنَ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ مَا لَمْ يَنْقُدْ الْآخَرَ كَيْ لَا يَتَفَرَّقَ الْقَبْضُ، وَسَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ نِصْفٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ سَمَّى لِلْجُمْلَةِ ثَمَنًا وَاحِدًا فَالْعِبْرَةُ لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا لَا لِاتِّحَادِ الثَّمَنِ وَتَعَدُّدِهِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ التَّفْرِيقِ هُوَ الضَّرَرُ، وَالضَّرَرُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست