responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 233
إلَيْهِ يُكْرَهُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَخْطِبَهَا لِمَا رَوَيْنَا وَإِنْ لَمْ يَرْكُنْ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

(وَمِنْهَا) بَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ وَفِي عَسَاكِرِهِمْ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْهُمْ مِنْ بَابِ الْإِعَانَةِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَنَّهُ مَنْهِيٌّ، وَلَا يُكْرَهُ بَيْعُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ السِّلَاحُ مِنْهُمْ كَالْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَدًّا لِلْقِتَالِ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْإِعَانَةِ، وَنَظِيرُهُ بَيْعُ الْخَشَبِ الَّذِي يَصْلُحُ لِاِتِّخَاذِ الْمِزْمَارِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كُرِهَ بَيْعُ الْمَزَامِيرِ.

(وَأَمَّا) مَا يُكْرَهُ مِمَّا يَتَّصِلُ بِالْبُيُوعِ.
(فَمِنْهَا) الِاحْتِكَارُ وَقَدْ ذَكَرْنَا جُمْلَةَ الْكَلَامِ فِيهِ فِي بَابِ الْكَرَاهِيَةِ وَإِلْحَاقُهُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ أَوْلَى.

(وَمِنْهَا) النَّجْشُ وَهُوَ أَنْ يَمْدَحَ السِّلْعَةَ وَيَطْلُبَهَا بِثَمَنٍ ثُمَّ لَا يَشْتَرِيهِ بِنَفْسِهِ وَلَكِنْ لِيُسْمِعَ غَيْرَهُ فَيَزِيدَ فِي ثَمَنِهِ وَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «نَهَى عَنْ النَّجْشِ» ؛ وَلِأَنَّهُ احْتِيَالٌ لِلْإِضْرَارِ بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي يَطْلُبُ السِّلْعَةَ مِنْ صَاحِبِهَا بِمِثْلِ ثَمَنِهَا، فَأَمَّا إذَا كَانَ يَطْلُبُهَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا فَنَجَشَ رَجُلٌ سِلْعَةً حَتَّى تَبْلُغَ إلَى ثَمَنِهَا فَهَذَا لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَإِنْ كَانَ النَّاجِشُ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي حُكْم الْبَيْعِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا حُكْمُ الْبَيْعِ فَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى تَسْمِيَةِ الْبِيَاعَاتِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ -: الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا، وَالصَّحِيحُ لَا يَخْلُو إمَّا.
أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِيَارٌ أَوْ لَا خِيَارَ فِيهِ أَمَّا الْبَيْعُ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا خِيَارَ فِيهِ فَلَهُ أَحْكَامٌ لَكِنَّ بَعْضَهَا أَصْلٌ، وَبَعْضَهَا مِنْ التَّوَابِعِ.
(أَمَّا) الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ، فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي بَيَانِ أَصْلِ الْحُكْمِ، وَفِي بَيَانِ صِفَتِهِ.
(أَمَّا) الْأَوَّلُ: فَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ، وَلِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ لِلْحَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ لِمَعْرِفَةِ حُكْمِ الْبَيْعِ، وَالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِمَا فَيَقَعُ الْكَلَامُ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا فِي.
تَفْسِيرِ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ وَالثَّانِي: فِي بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِمَا (أَمَّا) الْأَوَّلُ فَنَقُولُ: - وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى - الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُتَبَايِنَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَالْمَبِيعُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَالثَّمَنُ فِي الْأَصْلِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ تَغَيُّرُ هَذَا الْأَصْلِ بِعَارِضٍ بِأَنْ يَكُونَ مَا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْيِينَ مَبِيعًا كَالْمُسْلَمِ فِيهِ، وَمَا يَحْتَمِلُهُ ثَمَنًا كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إذَا كَانَ عَيْنًا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - (وَأَمَّا) عَلَى أَصْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَالْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُتَرَادِفَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى مُسَمًّى وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فِي الْأَحْكَامِ بِحَرْفِ الْبَاءِ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَالدَّرَاهِمُ، وَالدَّنَانِيرُ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا أَثْمَانٌ لَا تَتَعَيَّنُ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنْ عُيِّنَتْ حَتَّى لَوْ قَالَ: بِعْتُ مِنْك هَذَا الثَّوْبَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، أَوْ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُمْسِكَ الْمُشَارَ إلَيْهِ، وَيَرُدَّ مِثْلَهُ وَلَكِنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ ضَمَانِ الْجِنْسِ، وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ، وَالْقَدْرِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ جِنْسًا، وَنَوْعًا، وَقَدْرًا، وَصِفَةً، وَلَوْ هَلَكَ الْمُشَارُ إلَيْهِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَعَلَى أَصْلِهِمَا يَتَعَيَّنُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ الْمُشَارَ إلَيْهَا كَمَا فِي سَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمُشَارِ إلَيْهَا، وَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبْطُلُ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ هَلَكَ سَائِرُ الْأَعْيَانِ.
(وَجْهُ) قَوْلِهِمَا: إنَّ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ يُسْتَعْمَلَانِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا} [البقرة: 41] سَمَّى - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - الْمُشْتَرَى وَهُوَ الْمَبِيعُ ثَمَنًا دَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مَبِيعٌ، وَالْمَبِيعَ ثَمَنٌ، وَلِهَذَا جَازَ أَنْ يُذْكَرَ الشِّرَاءَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ يُقَالُ: شَرَيْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى بِعْتُهُ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} [يوسف: 20] أَيْ، وَبَاعُوهُ، وَلِأَنَّ ثَمَنَ الشَّيْءِ قِيمَتُهُ، وَقِيمَةُ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلِهَذَا سُمِّيَ قِيمَةً لِقِيَامِهِ مَقَامَ غَيْرِهِ، وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا وَمَبِيعًا دَلَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ فِي اللُّغَةِ، وَالْمَبِيعُ يَحْتَمِلُ التَّعَيُّنَ بِالتَّعْيِينِ فَكَذَا الثَّمَنُ إذْ هُوَ مَبِيعٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
(وَلَنَا) أَنَّ الثَّمَنَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَا فِي الذِّمَّةِ، هَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْفَرَّاءِ وَهُوَ إمَامٌ فِي اللُّغَةِ، وَلِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُسَمَّى ثَمَنًا وَالْآخَرَ مَبِيعًا فِي عُرْفِ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ، وَاخْتِلَافُ الْأَسَامِي دَلِيلُ اخْتِلَافِ الْمَعَانِي فِي الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا مَكَانَ صَاحِبِهِ تَوَسُّعًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقَابِلُ صَاحِبَهُ فَيُطْلَقُ اسْمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْمُقَابَلَةِ كَمَا يُسَمَّى جَزَاءُ السَّيِّئَةِ سَيِّئَةً، وَجَزَاءُ الِاعْتِدَاءِ اعْتِدَاءً.
(فَأَمَّا) الْحَقِيقَةُ فَمَا ذَكَرْنَا، وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ اسْمًا لِمَا فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلًا لِلتَّعْيِينِ بِالْإِشَارَةِ فَلَمْ يَصِحَّ التَّعْيِينُ حَقِيقَةً فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ فَجُعِلَ كِنَايَةً عَنْ بَيَانِ الْجِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الْعَاقِلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ غَيْرُ مُفِيدٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ عِوَضٍ يُطْلَبُ مِنْ الْمُعَيَّنِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست