responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 216
بِعْتُكَ الدَّنَانِيرَ الَّتِي لِي عَلَيْكَ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي لَك عَلَيَّ، وَقَالَ: قَبِلْتُ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ لَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّسُولِ بَلْ بِالْمُرْسِلِ وَهُمَا مُفْتَرِقَانِ بِأَبْدَانِهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ نَادَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ أَوْ نَادَاهُ مِنْ بَعِيدٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُمَا مُفْتَرِقَانِ بِأَبْدَانِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ إذَا أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى إنْسَانٍ فَقَالَ: بِعْتُ عَبْدِي الَّذِي فِي مَكَانِ كَذَا مِنْكَ بِكَذَا فَقَبِلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ التَّقَابُضَ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَلَا يَكُونُ الِافْتِرَاقُ مُفْسِدًا لَهُ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ افْتِرَاقُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَا مَالِكَيْنِ أَوْ نَائِبَيْنِ عَنْهُمَا كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ، وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدَيْنِ فَيُعْتَبَرُ افْتِرَاقُهُمَا، ثُمَّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ.
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُهُ يُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ دُونَ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ بِأَنْ قَالَ الْأَبُ: اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْتُ هَذَا الدِّينَارَ مِنْ ابْنِي الصَّغِيرِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَامَ قَبْلَ أَنْ يَزِنَ الْعَشَرَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ، كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْعَاقِدُ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ فَيُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتُعَالَى أَعْلَمُ.

ثُمَّ بَيْعُ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ وَبِخِلَافِ الْجِنْسِ كَالذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي حُكْمِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ صَرْفٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَابُضُ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي جَوَازِ التَّفَاضُلِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَيَجُوزُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَلَكِنْ يَجِبُ التَّقَابُضُ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَائِلِ.

وَلَوْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ شَيْئًا أَوْ حَطَّ عَنْهُ شَيْئًا وَقَبِلَ الْآخَرُ فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْحَطُّ بَاطِلَانِ، وَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ وَالْحَطُّ جَائِزٌ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرْعُ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَصْلٍ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ الْعَقْدِ فِي الذِّكْرِ إذَا أُلْحِقَ بِهِ، هَلْ يَلْتَحِقُ بِهِ أَمْ لَا؟ فَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ أَنَّهُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَيُفْسِدُ الْعَقْدَ، وَالزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ يَلْتَحِقَانِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْمَزِيدِ عَلَيْهِ وَالزِّيَادَةِ جَمِيعًا فَيَتَحَقَّقُ التَّفَاضُلُ، وَالْجِنْسُ مُتَّحِدٌ فَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا، فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ بِمَنْزِلَةِ شَرْطٍ فَاسِدٍ مُلْتَحِقٍ بِالْعَقْدِ فَيَتَأَخَّرُ عَنْهُ فَيَلْتَحِقُ بِهِ وَيُوجِبُ فَسَادَهُ.
وَمِنْ أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ الْعَقْدِ لَا يَلْتَحِقُ بِالْعَقْدِ فَطَرَدَ أَبُو يُوسُفَ هَذَا الْأَصْلَ، وَقَالَ: تَبْطُلُ الزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ جَمِيعًا وَيَبْقَى الْبَيْعُ الْأَوَّلُ صَحِيحًا وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ، وَقَالَ: الزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ وَالْحَطُّ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَوْ صَحَّتْ لَالْتَحَقَتْ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَيُوجِبُ فَسَادَهُ فَبَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْحَطِّ أَنْ يَلْتَحِقَ بِالْعَقْدِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَطَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ صَحَّ وَلَا يَلْتَحِقُ؟ إذْ لَوْ الْتَحَقَ لَكَانَ الْبَيْعُ وَاقِعًا بِلَا ثَمَنٍ فَيُجْعَلُ حَطًّا لِلْحَالِ بِمَنْزِلَةِ هِبَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ.

وَلَوْ تَبَايَعَا الْجِنْسَ بِخِلَافِ الْجِنْسِ بِأَنْ تَصَارَفَا دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دِرْهَمًا وَقَبِلَ الْآخَرُ أَوْ حَطَّ عَنْهُ دِرْهَمًا مِنْ الدِّينَارِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ وَالِالْتِحَاقِ تَحَقُّقُ الرِّبَا، وَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ يَمْنَعُ تَحَقُّقَ الرِّبَا إلَّا أَنَّ فِي الزِّيَادَةِ يُشْتَرَطُ قَبْضُهَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ حَتَّى لَوْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمَّا الْتَحَقَتْ بِأَصْلِ الْعَقْدِ صَارَ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الزِّيَادَةِ وَالْأَصْلِ جَمِيعًا إلَّا أَنَّهُ جَازَ التَّفَاضُلُ؛ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَإِذَا لَمْ يَقْبِضْ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بَطَلَ الْعَقْدُ بِقَدْرِهَا.
(وَأَمَّا) الْحَطُّ فَجَائِزٌ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ وَإِنْ كَانَ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ، لَكِنَّ التَّفَاضُلَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ جَائِزٌ وَلَا زِيَادَةَ هَهُنَا حَتَّى يُشْتَرَطَ قَبْضُهَا فَصَحَّ الْحَطُّ وَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمَحْطُوطِ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ لَمَّا الْتَحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ عَلَى قَدْرِ الْمَحْطُوطِ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَيَجِبُ رَدُّهُ، وَلَوْ حَطَّ مُشْتَرِي الدِّينَارِ قِيرَاطًا مِنْهُ فَبَائِعُ الدِّينَارِ يَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فِي الدِّينَارِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى مَا سِوَى الْقِيرَاطِ، وَلَوْ اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلًّى بِفِضَّةٍ وَحِلْيَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ زَادَهُ دِينَارًا فِي الثَّمَنِ دَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ أَوْ بَعْدَ مَا فَارَقَهُ يَجُوزُ، كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَتُصْرَفُ الزِّيَادَةُ إلَى النَّصْلِ وَالْجِفْنِ وَالْحَمَائِلِ؛ لِأَنَّهَا تَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَصَارَ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ جَمِيعًا.
وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا كَذَا هَذَا بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى جَمِيعِ الثَّمَنِ لِمَا نَذْكُرُ فِي مَسَائِلِ الْمُرَابَحَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَوْ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَهُوَ التِّبْرُ وَالْمَصُوغُ أَوْ دَيْنًا بِعَيْنٍ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ بِالتِّبْرِ وَالْمَصُوغِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَائِلِ لَا يُوجِبُ الْفَصْلَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست