responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 156
الْمَنْفَعَةِ لَا فِي الْعَيْنِ، إذْ الْإِجَارَةُ عَقْدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ لَا عَلَى الْعَيْنِ وَالْبَيْعُ عَقْدٌ عَلَى الْعَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ تَصَرُّفًا فِي مَحَلِّ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي الدَّيْنَ مِنْ بَدَلِ الْعَيْنِ بِالْبَيْعِ عِنْدَ عَدَمِ الِافْتِكَاكِ مِنْ الرَّهْنِ وَلِهَذَا لَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا عِنْدَهُ فَكَانَ الْبَيْعُ تَصَرُّفًا فِي مَحَلِّ حَقِّهِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ.
وَهَلْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْفَسْخِ؟ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَرْهُونٌ أَوْ مُؤَجَّرٌ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ لِلْحَالِ وَقَدْ فَاتَ فَيَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ، وَإِنْ عَلِمَ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالتَّسْلِيمِ فِي الْجُمْلَةِ.

وَلَوْ بَاعَ عَبْدَهُ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ نَفَذَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ فِي نَفْسِ الْقَاتِلِ وَإِنَّمَا لَهُ وِلَايَةُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْبَيْعِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ، وَلَا يَصِيرُ الْمَوْلَى بِالْبَيْعِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ سَوَاءً عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَلِيِّ فِي الْقِصَاصِ وَالْبَيْعِ لَا يُبْطِلُ الْقِصَاصَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَ أُمَّهُ فَاسْتَوْلَدَهَا لِمَا قُلْنَا، وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ الَّذِي هُوَ حَلَالُ الدَّمِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُوجِبُ إبَاحَةَ الدَّمِ لَا غَيْر وَالْبَيْعُ لَا يُبْطِلُهَا، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ الَّذِي وَجَبَ قَطْعُ يَدِهِ بِالسَّرِقَةِ أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ مِنْ الْحُدُودِ كَحَدِّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَاتِ وِلَايَةُ اسْتِيفَاءِ الْقَطْعِ، وَالْحَدُّ وَالْبَيْعُ لَا يُبْطِلُهَا.
وَلَوْ بَاعَ عَبْدَهُ الَّذِي وَجَبَ دَفْعُهُ بِالْجِنَايَةِ يَجُوزُ عَلِمَ الْمَوْلَى بِالْجِنَايَةِ أَوْ لَا وَلَا سَبِيلَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا يُخَاطِبُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْفِدَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ يَلْزَمْهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ اخْتِيَارٌ لِلْفِدَاءِ إذْ لَوْ لَمْ يَخْتَرْ لَمَا بَاعَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي الدَّفْعِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الِاخْتِيَارِ كَانَ الْبَيْعُ إبْطَالًا لِحَقِّهِمْ إلَى بَدَلٍ وَهُوَ الْفِدَاءُ فَكَانَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْبَيْعِ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَتْلٌ أَوْ قَطْعٌ بِسَبَبِ السَّرِقَةِ أَوْ حَدٍّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ هَذِهِ الْحُقُوقِ فَلَمْ يَكُنْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْبَيْعِ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ فَلَا تَسْقُطُ هَذِهِ الْحُقُوقُ بَلْ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ يَلْزَمْهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ كَانَ الْبَيْعُ اسْتِهْلَاكًا لِلْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا أَتْلَفَ عَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ إلَّا قَدْرَ الْأَرْشِ إلَّا إذَا كَانَ أَقَلُّهُمَا عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَيَنْقُصُ مِنْهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ قَتْلِ الْعَبْدِ خَطَأً إذَا بَلَغَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ يَنْقُصُ مِنْهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَ أُمَّهُ فَاسْتَوْلَدَهَا جَازَ وَلَا سَبِيلَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ كَانَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِلْفِدَاءِ.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَمَا زَادَ عَلَى هَذَا نَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ جِنَايَاتِ الْعَبِيدِ فِي آخَرِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْلٌ فِي شَرَائِطُ الصِّحَّةِ فِي الْبُيُوع]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا شَرَائِطُ الصِّحَّةِ فَأَنْوَاعٌ: بَعْضُهَا يَعُمُّ الْبِيَاعَاتِ كُلَّهَا، وَبَعْضُهَا يَخُصُّ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ أَمَّا الشَّرَائِطُ الْعَامَّةُ.
(فَمِنْهَا) : مَا ذَكَرْنَا مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ وَالنَّفَاذِ.
لِأَنَّ مَا لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ بِدُونِهِ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ ضَرُورَةً، إذْ الصِّحَّةُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الِانْعِقَادِ وَالنَّفَاذِ، فَكُلُّ مَا كَانَ شَرْطَ الِانْعِقَادِ وَالنَّفَاذِ كَانَ شَرْطَ الصِّحَّةِ ضَرُورَةً، وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَكُونُ شَرْطَ الصِّحَّةِ يَكُونُ شَرْطَ النَّفَاذِ وَالِانْعِقَادِ عِنْدَنَا فَإِنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَنْعَقِدُ وَيَنْفُذُ عِنْدَ اتِّصَالِ الْقَبْضِ بِهِ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا.

(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا وَثَمَنُهُ مَعْلُومًا عِلْمًا يَمْنَعُ مِنْ الْمُنَازَعَةِ.
فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْهُولًا جَهَالَةً مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا جَهَالَةً لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لَا يَفْسُدْ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ إذَا كَانَتْ مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ كَانَتْ مَانِعَةً مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْبَيْعِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ لَا تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ وَبَيَانُهُ فِي مَسَائِلَ: إذَا قَالَ: بِعْتُكَ شَاةً مِنْ هَذَا الْقَطِيعِ أَوْ ثَوْبًا مِنْ هَذَا الْعِدْلِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ مِنْ الْقَطِيعِ وَالثَّوْبَ مِنْ الْعِدْلِ مَجْهُولٌ جَهَالَةً مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ لِتَفَاحُشِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ، وَثَوْبٍ وَثَوْبٍ، فَيُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ، فَإِنْ عَيَّنَ الْبَائِعُ شَاةً أَوْ ثَوْبًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَرَضِيَ بِهِ جَازَ وَيَكُونُ ذَلِكَ ابْتِدَاءَ بَيْعٍ بِالْمُرَاضَاةِ؛ وَلِأَنَّ الْبِيَاعَاتِ لِلتَّوَسُّلِ إلَى اسْتِيفَاءِ النُّفُوسِ إلَى انْقِضَاءِ آجَالِهَا وَالتَّنَازُعُ يُفْضِي إلَى التَّفَانِي فَيَتَنَاقَضُ؛ وَلِأَنَّ الرِّضَا شَرْطُ الْبَيْعِ وَالرِّضَا لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمَعْلُومِ وَالْكَلَامُ فِي هَذَا الشَّرْطِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعِلْمَ بِالْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ عِلْمًا مَانِعًا مِنْ الْمُنَازَعَةِ شَرْطُ صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَالثَّانِي: فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ بِهِمَا.

(أَمَّا) الْأَوَّلُ: فَبَيَانُهُ فِي مَسَائِلَ، وَكَذَا إذَا قَالَ: بِعْتُكَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَثْوَابِ الْأَرْبَعَةِ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست