responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 153
فَتَأَخَّرَتْ وِلَايَتُهُ عَنْ وِلَايَتِهِمَا.

[فَصْلٌ فِي شَرَائِطِ النَّفَاذِ وَمِنْهَا الْوِلَايَةُ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَأَنْوَاعٌ: بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْوَلِيِّ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَلَّى فِيهِ أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْوَلِيِّ فَأَشْيَاءُ.
(مِنْهَا) أَنْ يَكُونَ حُرًّا فَلَا تَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ الْعَبْدِ لِقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] ، وَلِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى غَيْرِهِ؟ .
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا.
فَلَا وِلَايَةَ لِلْمَجْنُونِ لِمَا قُلْنَا.
(وَمِنْهَا) إسْلَامُ الْوَلِيِّ إذَا كَانَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَا تَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ لِقَوْلِهِ -: عَزَّ وَجَلَّ - {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] ، وَلِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوِلَايَةِ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ يُشْعِرُ بِالذُّلِّ بِهِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ.

(وَأَمَّا) الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ.
فَالصِّغَرُ فَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْكَبِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ حَاجَةِ نَفْسِهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَى الْحُرِّ تَثْبُتُ مَعَ قِيَامِ الْمُنَافِي لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ حَالَةَ الْقُدْرَةِ فَلَا تَثْبُتُ.

(وَأَمَّا) الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُوَلَّى فِيهِ فَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ بِالْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا ضَرَرَ، وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ، وَالْإِضْرَارُ بِالصَّغِيرِ لَيْسَ مِنْ الْمَرْحَمَةِ فِي شَيْءٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَكَانَ ضَرَرًا مَحْضًا، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ بِعِوَضٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ ذَلِكَ.
(وَجْهُ) قَوْلِهِ أَنَّ الْهِبَةَ بِعِوَضٍ مُعَاوَضَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ فَكَانَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ فَمَلَكَهَا كَمَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ.
(وَلَهُمَا) أَنَّهَا هِبَةٌ ابْتِدَاءً بِدَلِيلِ أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا يَقِفُ عَلَى الْقَبْضِ، وَذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْهِبَةِ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ مُعَاوَضَةً فِي الِانْتِهَاءِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْهِبَةَ فَلَمْ تَنْعَقِدْ هِبَتُهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَصِيرَ مُعَاوَضَةً، بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَهُوَ يَمْلِكُ الْمُعَاوَضَةَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ، وَلَا أَنْ يُوصِيَ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ وَالْوَصِيَّةَ إزَالَةُ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَالِيٍّ، فَكَانَ ضَرَرًا فَلَا يَمْلِكُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ الْمَحْضَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، أَمَّا بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ فَلِأَنَّهُ ضَرَرٌ مَحْضٌ، وَكَذَا بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَابِلُهُ الْعِوَضُ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ بِنَفْسِ الْقَبُولِ، وَإِذَا أَعْتَقَ بِنَفْسِ الْقَبُولِ يَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ، وَقَدْ يَحْصُلُ، وَقَدْ لَا يَحْصُلُ فَكَانَ الْإِعْتَاقُ ضَرَرًا مَحْضًا لِلْحَالِ، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْرِضَ مَالَهُ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ إزَالَةُ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لِلْحَالِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْقَرْضُ تَبَرُّعٌ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ سَائِرَ التَّبَرُّعَاتِ، كَذَا هَذَا، بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يُقْرِضُ مَالَ الْيَتِيمِ.
(وَوَجْهُ) الْفَرْقِ أَنَّ الْإِقْرَاضَ مِنْ الْقَاضِي مِنْ بَابِ حِفْظِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ تَوَى الدَّيْنِ بِالْإِفْلَاسِ أَوْ بِالْإِنْكَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَخْتَارُ أَمْلَى النَّاسِ، وَأَوْثَقَهُمْ، وَلَهُ وِلَايَةُ التَّفَحُّصِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ فَيَخْتَارُ مَنْ لَا يَتَحَقَّقُ إفْلَاسُهُ ظَاهِرًا وَغَالِبًا، وَكَذَا الْقَاضِي يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّوَى بِالْإِنْكَارِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْقَاضِي هَذِهِ الْوِلَايَةُ فَبَقِيَ الْإِقْرَاضُ مِنْهُ إزَالَةَ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَابِلَهُ عِوَضٌ لِلْحَالِ فَكَانَ ضَرَرًا فَلَا يَمْلِكُهُ، وَلَهُ أَنْ يَدِينَ مَالَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَصُورَةُ الِاسْتِدَانَةِ أَنْ يَطْلُبَ إنْسَانٌ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ حَتَّى يَجْعَلَ أَصْلَ الشَّيْءِ مِلْكَهُ، وَثَمَنَ الْمَبِيعِ دَيْنًا عَلَيْهِ لِيَرُدَّهُ، فَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى قِيمَتِهِ فَهُوَ عَيْنُهُ، وَإِنَّمَا مَلَكَ الْإِدَانَةَ، وَلَمْ يَمْلِكْ الْقَرْضَ؛ لِأَنَّ الْإِدَانَةَ بَيْعُ مَالِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِرَقَبَتِهِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ عَادَةً، وَلَوْ بَاعَ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ فِي حَقِّهِ، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ أَوْ مَالَهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ عَادَةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَالِهِ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ عَادَةً لِمَا قُلْنَا، وَلَوْ اشْتَرَى يَنْفُذُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ الْمُشْتَرَى لَهُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَفْعٌ مَحْضٌ فَيَمْلِكُهُ الْوَلِيُّ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «خَيْرُ النَّاسِ مَنْ يَنْفَعُ النَّاسَ» ، وَهَذَا يَجْرِي مَجْرَى الْحَثِّ عَلَى النَّفْعِ، وَالْحَثُّ عَلَى النَّفْعِ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ النَّفْعَ عَبَثٌ، وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِمَا قُلْنَا، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ، وَبِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ عَادَةً، وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَبِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ عَادَةً، وَكَذَا لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ بِأَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست