responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 331
فِي بَيَانِ حُكْمِ النِّكَاحِ، وَالثَّانِي: فِي بَيَانِ مَا يَرْفَعُ حُكْمَهُ أَمَّا الْأَوَّلُ، فَالنِّكَاحُ لَا يَخْلُو (إمَّا) أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا (وَإِمَّا) أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا، وَيَتَعَلَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحْكَامٌ (أَمَّا) .
النِّكَاحُ الصَّحِيحُ، فَلَهُ أَحْكَامٌ بَعْضُهَا أَصْلِيٌّ، وَبَعْضُهَا مِنْ التَّوَابِعِ، أَمَّا الْأَصْلِيَّةُ مِنْهَا، فَحِلُّ الْوَطْءِ إلَّا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ وَفِي الظِّهَارِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] نَفَى اللَّوْمَ عَمَّنْ لَا يَحْفَظُ فَرْجَهُ عَلَى زَوْجَتِهِ فَدَلَّ عَلَى حِلِّ الْوَطْءِ إلَّا أَنَّ الْوَطْءَ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ خُصَّ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] ، وَالنِّفَاسُ أَخُو الْحَيْضِ، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] .
وَالْإِنْسَانُ بِسَبِيلٍ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي حَرْثِهِ مَعَ مَا أَنَّهُ قَدْ أَبَاحَ إتْيَانَ الْحَرْثِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] ، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ لَا يَمْلِكْنَ شَيْئًا اتَّخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» ، وَكَلِمَةُ اللَّهِ الْمَذْكُورَةُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ لَفْظَةُ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ بِلَفْظَةِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، وَغَيْرِهِمَا فِي مَعْنَاهُمَا، فَكَانَ الْحِلُّ ثَابِتًا؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ ضَمٌّ وَتَزْوِيجٌ لُغَةً، فَيَقْتَضِي الِانْضِمَامَ، وَالِازْدِوَاجَ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِحِلِّ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ كَمَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا، فَزَوْجُهَا يَحِلُّ لَهَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] ، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُطَالِبَهَا بِالْوَطْءِ مَتَى شَاءَ إلَّا عِنْدَ اعْتِرَاضِ أَسْبَابٍ مَانِعَةٍ مِنْ الْوَطْءِ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالظِّهَارِ وَالْإِحْرَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تُطَالِبَ زَوْجَهَا بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّ حِلَّهُ لَهَا حَقُّهَا كَمَا أَنَّ حِلَّهَا لَهُ حَقُّهُ، وَإِذَا طَالَبَتْهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَجِبُ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ بَابِ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ.

[فَصْلٌ حِلُّ النَّظَرِ وَالْمَسِّ]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْهَا حِلُّ النَّظَرِ، وَالْمَسِّ مِنْ رَأْسِهَا إلَى قَدَمَيْهَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ، فَوْقَ النَّظَرِ وَالْمَسِّ، فَكَانَ إحْلَالُهُ إحْلَالًا لِلْمَسِّ، وَالنَّظَرُ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى، وَهَلْ يَحِلُّ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِمَا دُونَ الْفَرْجِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؟ فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْمَسُّ وَالنَّظَرُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَالْمَسْأَلَةُ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.

[فَصْلٌ مِلْكُ الْمُتْعَةِ]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْهَا مِلْكُ الْمُتْعَةِ، وَهُوَ اخْتِصَاصُ الزَّوْجِ بِمَنَافِعِ بُضْعِهَا وَسَائِرِ أَعْضَائِهَا اسْتِمْتَاعًا أَوْ مِلْكُ الذَّاتِ وَالنَّفْسِ فِي حَقِّ التَّمَتُّعِ عَلَى اخْتِلَافِ مَشَايِخِنَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَقَاصِدَ النِّكَاحِ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْلَا الِاخْتِصَاصُ الْحَاجِزُ عَنْ التَّزْوِيجِ بِزَوْجٍ آخَرَ لَا يَحْصُلُ السَّكَنُ؛ لِأَنَّ قَلْبَ الزَّوْجِ لَا يَطْمَئِنُّ إلَيْهَا، وَنَفْسَهُ لَا تَسْكُنُ مَعَهَا، وَيَفْسُدُ الْفِرَاشُ لِاشْتِبَاهِ النَّسَبِ؛ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ لَازِمٌ فِي النِّكَاحِ، وَأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْمِلْكِ لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، فَيَدُلُّ عَلَى لُزُومِ الْمِلْكِ فِي النِّكَاحِ أَيْضًا تَحْقِيقًا لِلْمُعَاوَضَةِ، وَهَذَا الْحُكْمُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْمَهْرِ، وَالْمَهْرُ عَلَى الرَّجُلِ، وَقِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] أَنَّ الدَّرَجَةَ هِيَ الْمِلْكُ.

[فَصْلٌ مِلْكُ الْحَبْسِ وَالْقَيْدِ]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْهَا مِلْكُ الْحَبْسِ وَالْقَيْدِ، وَهُوَ صَيْرُورَتُهَا مَمْنُوعَةً عَنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ} [الطلاق: 6] ، وَالْأَمْرُ بِالْإِسْكَانِ نَهْيٌ عَنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ وَالْإِخْرَاجِ إذْ الْأَمْرُ بِالْفِعْلِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مَمْنُوعَةً عَنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ لَاخْتَلَّ السَّكَنُ وَالنَّسَبُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيبُ الزَّوْجَ، وَيَحْمِلُهُ عَلَى نَفْيِ النَّسَبِ.

[فَصْلٌ وُجُوبُ الْمَهْرِ عَلَى الزَّوْجِ]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْهَا، وُجُوبُ الْمَهْرِ عَلَى الزَّوْجِ، وَأَنَّهُ حُكْمٌ أَصْلِيٌّ لِلنِّكَاحِ عِنْدَنَا لَا وُجُودَ لَهُ بِدُونِهِ شَرْعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ عِوَضٌ عَنْ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ إحْدَاثِ الْمِلْكِ عَلَى مَا مَرَّ، وَثُبُوتُ الْعِوَضِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْمُعَوَّضِ.

[فَصْلٌ ثُبُوتُ النَّسَبِ]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْهَا ثُبُوتُ النَّسَبِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمَ الدُّخُولِ حَقِيقَةً لَكِنَّ سَبَبَهُ الظَّاهِرَ هُوَ النِّكَاحُ لِكَوْنِ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست