responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 290
سَلَّمَ بَعْضَ الْمَبِيعِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ كَانَ لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْبَاقِي لِيَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ كَذَا هَذَا، وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ يُفْتِي فِي مَنْعِهَا نَفْسَهَا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي السَّفَرِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْدَ إيفَاءِ الْمَهْرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُلَهَا حَيْثُ شَاءَ وَحَكَى الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي أَنَّ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَهْرِ لَيْسَ لِزَوْجِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَلَوْ وَجَدَتْ الْمَرْأَةُ الْمَهْرَ زُيُوفًا أَوْ سُتُّوقًا فَرَدَّتْ أَوْ كَانَ الْمَقْبُوضُ عَرَضًا اشْتَرَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ فَاسْتُحِقَّ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَقَدْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِمَا مُسْتَقِيمٌ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ غَيْرِ قَبْضِ الْمَهْرِ يُبْطِلُ حَقَّ الْمَنْعِ، وَهَذَا تَسْلِيمٌ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَبْضَ بِالرَّدِّ وَالِاسْتِحْقَاقِ انْتَقَضَ وَالْتَحَقَ بِالْعَدَمِ فَصَارَ كَأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ الْجَوَابُ هَكَذَا عِنْدَهُمَا.
وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا، ثُمَّ فَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَنْعِ أَنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ الثَّمَنَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ أَوْ وَجَدَهُ زُيُوفًا أَوْ سُتُّوقًا فَرَدَّهُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ فَيَحْبِسَهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَعْدَ الِاسْتِرْدَادِ يُمْكِنُهُ الْحَبْسُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا هَهُنَا لَا يُمْكِنُهُ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى بَعْضَ مَنَافِعِ الْبُضْعِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْحَبْسُ مِثْلَ الْأَوَّلِ فَلَا يَعُودُ حَقُّهَا فِي الْحَبْسِ وَمِمَّا يَلْتَحِقُ بِهَذَا الْفَصْلِ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ مَهْرَهَا لِلزَّوْجِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا وَهَبَتْ خَالِصَ مِلْكِهَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِي عَيْنِ الْمَهْرِ حَقٌّ فَيَجُوزُ، وَيَلْزَمُ بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَقَصَّرَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقَّ الِاعْتِرَاضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْأَمْهَارَ حَقُّ الْأَوْلِيَاءِ فَقَدْ تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهِمْ؛ وَلِأَنَّهَا أَلْحَقَتْ الضَّرَرَ بِالْأَوْلِيَاءِ بِإِلْحَاقِ الْعَارِ وَالشَّنَارِ بِهِمْ، فَلَهُمْ دَفْعُ هَذَا الضَّرَرِ بِالِاعْتِرَاضِ وَالْفَسْخِ.
وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مَهْرَ ابْنَتِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ ذَلِكَ وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] وَالْأَبُ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَلَنَا أَنَّ الْمَهْرَ مِلْكُ الْمَرْأَةِ وَحَقُّهَا؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ بُضْعِهَا، وَبُضْعُهَا حَقُّهَا وَمِلْكُهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] أَضَافَ الْمَهْرَ إلَيْهَا فَدَلَّ أَنَّ الْمَهْرَ حَقُّهَا وَمِلْكُهَا، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] وقَوْله تَعَالَى: مِنْهُ أَيْ: مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُكَنَّى السَّابِقُ أَبَاحَ لِلْأَزْوَاجِ التَّنَاوُلَ مِنْ مُهُورِ النِّسَاءِ إذَا طَابَتْ أَنْفُسُهُنَّ بِذَلِكَ، وَلِذَا عَلَّقَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْإِبَاحَةَ بِطِيبِ أَنْفُسِهِنَّ، فَدَلَّ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى أَنَّ مَهْرَهَا مِلْكُهَا وَحَقُّهَا، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَهَبَ مِلْكَ الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْوَلِيُّ هِبَةَ غَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِهَا فَكَذَا الْمَهْرُ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الشَّرِيفَةُ فَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ مِنْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ كَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ مَنْ صَرَفَ التَّأْوِيلَ إلَى الْوَلِيِّ عَلَى بَيَانِ نُزُولِ الْآيَةِ عَلَى مَا قِيلَ: إنَّ حِينَ النُّزُولِ كَانَ الْمُهُورُ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُ شُعَيْبٍ لِمُوسَى: - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] شَرَطَ الْمَهْرَ لِنَفْسِهِ لَا لِابْنَتِهِ ثُمَّ نُسِخَ بِمَا تَلَوْنَا مِنْ الْآيَاتِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَهَبَ صَدَاقَ أَمَتِهِ وَمُدَبَّرَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ مِنْ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مِلْكُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ مَهْرَ مُكَاتَبَتِهِ، وَلَوْ وَهَبَ لَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ.
وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمُكَاتَبَةِ لَهَا لَا لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْسَابِهَا، وَكَسْبُ الْمُكَاتَبِ لَهُ لَا لِمَوْلَاهُ، وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ إذَا تَرَاضَيَا بِهَا وَالْحَطُّ عَنْهُ إذَا رَضِيَتْ بِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] رَفَعَ الْجُنَاحَ فِيمَا تَرَاضَيَا بِهِ الزَّوْجَانِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ وَهُوَ التَّسْمِيَةُ، وَذَلِكَ هُوَ الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ وَالْحَطُّ عَنْهُ، وَأَحَقُّ مَا تُصْرَفُ إلَيْهِ الْآيَةُ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَةَ التَّرَاضِي وَأَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَرِضَا الْمَرْأَةِ كَانَ فِي الْحَطِّ؛ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ تَلْحَقُ الْعَقْدَ وَيَصِيرُ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ جَمِيعًا كَالْخِيَارِ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَالْأَجَلِ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بَيْعًا بَاتًّا ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا جَعَلَ لِصَاحِبِهِ الْخِيَارَ يَوْمًا جَازَ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ نَقَضَ الْبَيْعَ جَازَ نَقْضُهُ، وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ.
وَكَذَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَالَّةً، ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَجَّلَ الْمُشْتَرِيَ فِي الثَّمَنِ شَهْرًا جَازَ التَّأْجِيلُ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ كَانَ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ كَذَا هَهُنَا، وَلَا يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَهْرِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا وَلَمْ تَرَهُ ثُمَّ رَأَتْهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرُدَّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْفَسِخُ بِرَدِّهِ فَلَوْ رَدَّتْ لَرَجَعَتْ عَلَيْهِ بِعَبْدٍ آخَرَ وَثَبَتَ لَهَا فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَتَرُدُّهُ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِآخَرَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست