responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 277
الْمُعَيَّنِ فِيهِمَا جَمِيعًا وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْمَوْصُوفِ أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ إذَا كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ، فَالزَّوْجُ مَجْبُورٌ عَلَى دَفْعِهِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهَا فَكَانَ مُسْتَقِرًّا مَهْرًا بِنَفْسِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِاسْتِقْرَارِ - وَهُوَ يَوْمُ الْعَقْدِ - فَأَمَّا الثَّوْبُ - وَإِنْ وُصِفَ - فَلَمْ يَتَقَرَّرْ مَهْرًا فِي الذِّمَّةِ بِنَفْسِهِ بَلْ الزَّوْجُ مُخَيَّرٌ فِي تَسْلِيمِهِ وَتَسْلِيمِ قِيمَتِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى مَا نَذْكُرُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّمَا يَتَقَرَّرُ مَهْرًا بِالتَّسْلِيمِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّسْلِيمِ (وَجْهُ) ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ مَا جُعِلَ مَهْرًا لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا التَّغَيُّرُ فِي رَغَبَاتِ النَّاسِ بِحُدُوثِ فُتُورٍ فِيهَا، وَلِهَذَا لَوْ غَصَبَ شَيْئًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَيُعْتَبَرُ سِعْرُهُ، وَصَارَ يُسَاوِي خَمْسَةً فَرَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّى مَا هُوَ أَدْنَى مَالِيَّةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ كَانَ ذَلِكَ تَسْمِيَةً لِلْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَعْضِ فِيمَا لَا يَتَجَزَّأُ ذِكْرٌ لِكُلِّهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ سَمَّى ذَلِكَ دِرْهَمَيْنِ ثُمَّ ازْدَادَتْ، قِيمَتُهُ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ بَيَانُ مَا يَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ مَهْرًا وَمَا لَا يَصِحُّ]
وَأَمَّا بَيَانُ مَا يَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ مَهْرًا وَمَا لَا يَصِحُّ وَبَيَانُ حُكْمِ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ وَفَسَادِهَا فَنَقُولُ: لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ شَرَائِطُ مِنْهَا.
أَنْ يَكُونَ الْمُسَمَّى مَالًا مُتَقَوِّمًا وَهَذَا عِنْدَنَا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَيَصِحُّ التَّسْمِيَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي وَهَبْت نَفْسِي لَك فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا بِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ، فَقَامَ رَجُلٌ وَقَالَ زَوِّجْنِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عِنْدَك؟ فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيهَا فَقَالَ: أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ مَا عِنْدِي، فَقَالَ: هَلْ مَعَك شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا فَقَالَ زَوَّجْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُسَمَّى - وَهُوَ السُّورَةُ مِنْ الْقُرْآنِ لَا يُوصَفُ بِالْمَالِيَّةِ، فَدَلَّ أَنَّ كَوْنَ التَّسْمِيَةِ مَالًا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] شَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مَالًا، فَمَا لَا يَكُونُ مَالًا لَا يَكُونُ مَهْرًا فَلَا تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ مَهْرًا، وقَوْله تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] أَمَرَ بِتَنْصِيفِ الْمَفْرُوضِ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَقْتَضِي كَوْنَ الْمَفْرُوضِ مُحْتَمِلًا لِلتَّنْصِيفِ - وَهُوَ الْمَالُ - وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَهُوَ فِي حَدِّ الْآحَادِ وَلَا يُتْرَكُ نَصُّ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ مَا أَنَّ ظَاهِرَهُ مَتْرُوكٌ؛ لِأَنَّ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ لَا تَكُونُ مَهْرًا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَأْوِيلُهَا زَوَّجْتُكهَا بِسَبَبِ مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ وَبِحُرْمَتِهِ وَبَرَكَتِهِ لَا أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ تَسْمِيَةِ مَالٍ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ: إذَا تَزَوَّجَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَوْ عَلَى تَعْلِيمِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مِنْ الْأَحْكَامِ أَوْ عَلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الطَّاعَاتِ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَصِيرُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَهْرًا ثُمَّ الْأَصْلُ فِي التَّسْمِيَةِ أَنَّهَا إذَا صَحَّتْ وَتَقَرَّرَتْ يَجِبُ الْمُسَمَّى ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى عَشَرَةً فَصَاعِدًا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ دُونَ الْعَشَرَةِ تُكَمَّلُ الْعَشَرَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ.
وَالْمَسْأَلَةُ قَدْ مَرَّتْ وَإِذَا فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ تَزَلْزَلَتْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ الْأَصْلِيَّ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ قِيمَةُ الْبُضْعِ، وَإِنَّمَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى الْمُسَمَّى إذَا صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَكَانَتْ التَّسْمِيَةُ، تَقْدِيرًا لِتِلْكَ الْقِيمَةِ، فَإِذَا لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ أَوْ تَزَلْزَلَتْ لَمْ يَصِحَّ التَّقْدِيرُ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ التَّقْدِيرُ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى الْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ، وَلِهَذَا كَانَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ لَا بِالثَّمَنِ كَذَا هَذَا، وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ لِأَنَّ جَوَازَهُ لَا يَقِفُ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَصْلًا، فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ رَأْسًا، فَعَدَمُ التَّسْمِيَةِ إذًا لَمْ يَمْنَعْ جَوَازَ النِّكَاحِ فَفَسَادُهَا أَوْلَى أَنْ لَا يَمْنَعَ، وَلِأَنَّ التَّسْمِيَةَ إذَا فَسَدَتْ الْتَحَقَتْ بِالْعَدَمِ فَصَارَ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا، وَهُنَاكَ النِّكَاحُ صَحِيحٌ كَذَا هَذَا، وَلِأَنَّ تَسْمِيَةَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ شَرْطٌ فَاسِدٌ، وَالنِّكَاحُ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَسَادَ فِي بَابِ الْبَيْعِ لِمَكَانِ الرِّبَا، وَالرِّبَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي النِّكَاحِ فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَبْقَى النِّكَاحُ صَحِيحًا.
وَعِنْدَهُ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَيَصِيرُ الْمَذْكُورُ مَهْرًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ بِالِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ عِنْدَهُ فَتَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ مَهْرًا، وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ بِمَالٍ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 277
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست