responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 266
تِسْعَ نِسْوَةٍ وَهُوَ قُدْوَةُ الْأُمَّةِ، وَالْآخَرُونَ قَالُوا: الْمَثْنَى ضِعْفُ الِاثْنَيْنِ، وَالثُّلَاثُ ضِعْفُ الثَّلَاثَةِ، وَالرُّبَاعُ ضِعْفُ الْأَرْبَعَةِ فَجُمْلَتُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ.
وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعَةً وَفَارِقْ الْبَوَاقِيَ» أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُفَارَقَةِ الْبَوَاقِي وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ حَلَالًا لَمَا أَمَرَهُ فَدَلَّ أَنَّهُ مُنْتَهَى الْعَدَدِ الْمَشْرُوعِ - وَهُوَ الْأَرْبَعُ - وَلِأَنَّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ خَوْفَ الْجَوْرِ عَلَيْهِنَّ بِالْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِهِنَّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِحُقُوقِهِنَّ وَإِلَيْهِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: 3] أَيْ: أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي الْقَسْمِ وَالْجِمَاعِ وَالنَّفَقَةِ فِي نِكَاحِ الْمَثْنَى وَالثُّلَاثِ وَالرُّبَاعِ فَوَاحِدَةً بِخِلَافِ نِكَاحِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ خَوْفَ الْجَوْرِ مِنْهُ غَيْرُ مَوْهُومٍ؛ لِكَوْنِهِ مُؤَيَّدًا عَلَى الْقِيَامِ بِحُقُوقِهِنَّ بِالتَّأْبِيدِ الْإِلَهِيِّ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ آثَرَ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى وَالضِّيقَ عَلَى السَّعَةِ وَتَحَمُّلَ الشَّدَائِدِ وَالْمَشَاقِّ عَلَى الْهُوَيْنَا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْأُمُورِ الثَّقِيلَةِ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ أَسْبَابُ قَطْعِ الشَّهَوَاتِ وَالْحَاجَةِ إلَى النِّسَاءِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَقُومُ بِحُقُوقِهِنَّ دَلَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
وَأَمَّا الْآيَةُ فَلَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِظَاهِرِهَا؛ لِأَنَّ الْمَثْنَى لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ الِاثْنَيْنِ وَلَا الثُّلَاثَ عَنْ الثُّلَاثِ وَالرُّبَاعَ عَنْ الْأَرْبَعِ، بَلْ أَدْنَى مَا يُرَادُ بِالْمَثْنَى مَرَّتَانِ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ، وَأَدْنَى مَا يُرَادُ بِالثُّلَاثِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ مِنْ الْعَدَدِ.
وَكَذَا الرُّبَاعُ، وَذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى التِّسْعَةِ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلَا قَائِلَ بِهِ دَلَّ أَنَّ الْعَمَلَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ مُتَعَذِّرٌ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَأْوِيلٍ، وَلَهَا تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ نِكَاحِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ كَأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: مَثْنَى أَوْ ثُلَاثَ أَوْ رُبَاعَ وَاسْتِعْمَالُ الْوَاوِ مَكَانَ أَوْ جَائِزٌ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ هَذِهِ الْأَعْدَادِ عَلَى التَّدَاخُلِ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: " وَثُلَاثَ " تَدْخُلُ فِيهِ الْمَثْنَى، وَقَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَرُبَاعَ يَدْخُلُ فِيهِ الثُّلَاثُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 9] ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: 10] وَالْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ دَاخِلَانِ فِي الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكَانَ خَلْقُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ فِي يَوْمَيْنِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12] فَيَكُونُ خَلْقُ الْجَمِيعِ فِي ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فَيُؤَدِّي إلَى الْخُلْفِ فِي خَبَرِ مَنْ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْخُلْفُ، فَكَانَ عَلَى التَّدَاخُلِ، فَكَذَا هَهُنَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ الْأَوَّلُ دَاخِلًا فِي الثَّانِي وَالثَّانِي فِي الثَّالِثِ، فَكَانَ فِي الْآيَةِ إبَاحَةُ نِكَاحِ الْأَرْبَعِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ وَذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى فِيمَا تَقَدَّمَ.

[فَصْلٌ الْجَمْعُ فِي الْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْجَمْعُ فِي الْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَجَائِزٌ، وَإِنْ كَثُرَتْ الْجَوَارِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] أَيْ: إنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي نِكَاحِ الْمَثْنَى وَالثُّلَاثِ وَالرُّبَاعِ بِإِيفَاءِ حُقُوقِهِنَّ فَانْكِحُوا وَاحِدَةً، وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي وَاحِدَةٍ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كَأَنَّهُ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: هَذَا أَوْ هَذَا، أَيْ: الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدَةِ إلَى الْأَرْبَعِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُعَادَلَةِ وَعِنْدَ خَوْفِ الْجَوْرِ فِي ذَلِكَ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْحَرَائِرِ وَعِنْدَ خَوْفِ الْجَوْرِ فِي نِكَاحِ الْوَاحِدَةِ هُوَ شِرَاءُ الْجَوَارِي وَالتَّسَرِّي بِهِنَّ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] ذَكَرَهُ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ الْعَدَدِ وَقَالَ تَعَالَى: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْعَدَدِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] مُطْلَقًا، وَلِأَنَّ حُرْمَةَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي الزَّوْجَاتِ لِخَوْفِ الْجَوْرِ عَلَيْهِنَّ فِي الْقَسْمِ وَالْجِمَاعِ، وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ قِبَلَ الْمَوْلَى فِي الْقَسْمِ وَالْجِمَاعِ.

[فَصْلٌ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ هُوَ شَرْطُ جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ» وَقَالَ عَلِيٌّ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَتُنْكَحُ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ وَلِلْحُرَّةِ الثُّلُثَانِ مِنْ الْقَسْمِ وَلِلْأَمَةِ الثُّلُثُ) وَلِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست