responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 264
عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَجْهُ) قَوْلِهِ: إنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي النِّكَاحِ، وَالنِّكَاحُ قَدْ زَالَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِوُجُودِ الْمُزِيلِ لَهُ - وَهُوَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ الْبَائِنُ - وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُرْمَةِ لَزِمَهُ الْحَدُّ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْجَمْعُ فِي النِّكَاحِ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَلَنَا أَنَّ مِلْكَ الْحَبْسِ بِالْعَقْدِ قَائِمٌ، فَإِنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ، وَحُرْمَةُ التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ ثَابِتَةٌ وَالْفِرَاشُ قَائِمٌ حَتَّى لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، فَلَوْ جَازَ النِّكَاحُ لَكَانَ النِّكَاحُ جَمْعًا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ النَّصِّ، وَلِأَنَّ هَذِهِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ وَسِيلَةً إلَى أَحْكَامِ النِّكَاحِ فَكَانَ النِّكَاحُ قَائِمًا مِنْ وَجْهٍ بِبَقَاءِ بَعْضِ أَحْكَامِهِ، وَالثَّابِتُ مِنْ وَجْهٍ مُلْحَقٌ بِالثَّابِتِ مِنْ وَجْهٍ فِي بَابِ الْحُرْمَةِ احْتِيَاطًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ أُلْحِقَتْ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ مِنْ وَجْهٍ بِالرَّضَاعَةِ بِالْأُمِّ وَالْبِنْتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِالْقَرَابَةِ، وَأُلْحِقَتْ الْمَنْكُوحَةُ مِنْ وَجْهٍ - وَهِيَ الْمُعْتَدَّةُ - بِالْمَنْكُوحَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي حُرْمَةِ النِّكَاحِ كَذَا هَذَا؛ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ قَبْلَ الطَّلَاقِ إنَّمَا حُرِّمَ؛ لِكَوْنِهِ مُفْضِيًا إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، لِأَنَّهُ يُوَرِّثُ الضَّغِينَةَ، وَإِنَّهَا تُفْضِي إلَى الْقَطِيعَةِ، وَالضَّغِينَةُ هَهُنَا أَشَدُّ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ النِّعْمَةِ - وَهُوَ مِلْكُ الْحِلِّ - الَّذِي هُوَ سَبَبُ اقْتِضَاءِ الشَّهْوَةِ قَدْ زَالَ فِي حَقِّ الْمُعْتَدَّةِ، وَبِنِكَاحِ الثَّانِيَةِ يَصِيرُ جَمِيعُ ذَلِكَ لَهَا وَتَقُومُ مَقَامَهَا وَتَبْقَى هِيَ مَحْرُومَةُ الْحَظِّ لِلْحَالِّ مِنْ الْأَزْوَاجِ فَكَانَتْ الضَّغِينَةُ أَشَدَّ فَكَانَتْ أَدْعَى إلَى الْقَطِيعَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ عَلَائِقِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَكَانَ لَهَا سَبِيلُ الْوُصُولِ إلَى زَوْجٍ آخَرَ فَتَسْتَوْفِي حَظَّهَا مِنْ الثَّانِي فَتُسَلَّى بِهِ فَلَا تَلْحَقُهَا الضَّغِينَةُ، أَوْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهُ فِي حَالِ قِيَامِ الْعِدَّةِ فَلَا يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَال.
وَلَوْ خَلَا بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَتَزَوَّجْ أُخْتَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِالْخَلْوَةِ فَيُمْنَعُ نِكَاحُ الْأُخْتِ كَمَا لَوْ وَجَبَتْ بِالدُّخُولِ حَقِيقَةً.

[فَصْلٌ الْجَمْعُ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْجَمْعُ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ مِثْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: (كُلُّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْحَرَائِرِ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْإِمَاءِ إلَّا الْجَمْعَ) أَيْ: الْجَمْعَ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ. وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: (مَا أُحِبُّ أَنْ أُحِلَّهُ وَلَكِنْ أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَفْعَلُهُ) فَخَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ عَلِيًّا فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ لِي مِنْ الْأَمْرِ شَيْئًا لَجَعَلْت مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَكَالًا.
وَقَوْلُ عُثْمَانَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ) عَنَى بِآيَةِ التَّحْلِيلِ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] وَبِآيَةِ التَّحْرِيمِ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] وَذَلِكَ مِنْهُ إشَارَةٌ إلَى تَعَارُضِ دَلِيلَيْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ مَعَ التَّعَارُضِ، وَلِعَامَّةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْكِتَابُ الْعَزِيزُ وَالسُّنَّةُ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ جَمْعٌ فَيَكُونُ حَرَامًا.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعَنَّ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» .
وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ) فَالْأَخْذُ بِالْمُحَرَّمِ أَوْلَى عِنْدَ التَّعَارُضِ احْتِيَاطًا لِلْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ الْمَأْثَمُ بِارْتِكَابِ الْمُحَرَّمِ، وَلَا مَأْثَمَ فِي تَرْكِ الْمُبَاحِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَبْضَاعِ هُوَ الْحُرْمَةُ وَالْإِبَاحَةُ بِدَلِيلٍ، فَإِذَا تَعَارَضَ دَلِيلُ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ تَدَافَعَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِالْأَصْلِ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ لَا يَجُوزُ فِي الدَّوَاعِي مِنْ اللَّمْسِ وَالتَّقْبِيلِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ عَنْ شَهْوَةٍ؛ لِأَنَّ الدَّوَاعِيَ إلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ إذَا عُرِفَ هَذَا، فَنَقُولُ: إذَا مَلَكَ أُخْتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِالْمِلْكِ، وَإِذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ لَصَارَ جَامِعًا بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ حَقِيقَةً.
وَكَذَا إذَا مَلَكَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ مَلَكَ أُخْتَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُولَى لِمَا قُلْنَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يُحَرِّمْ فَرْجَ الْأُولَى عَلَى نَفْسِهِ إمَّا بِالتَّزْوِيجِ أَوْ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ بِالْبَيْعِ أَوْ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الْأُخْرَى لَصَارَ جَامِعًا بَيْنَهُمَا

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست