responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 203
، وَالشَّافِعِيُّ نَظَرَ إلَى الْمَحِلِّ فَقَالَ الْمَحِلُّ وَهُوَ الْمَقْتُولُ مُتَّحِدٌ فَلَا يَجِبُ إلَّا ضَمَانٌ وَاحِدٌ وَأَصْحَابُنَا نَظَرُوا إلَى الْفِعْلِ فَقَالُوا الْفِعْلُ مُتَعَدِّدٌ فَيَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ وَنَظَرُنَا أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ جَزَاءُ الْفِعْلِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ جَزَاءً بِقَوْلِهِ {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] وَالْجَزَاءُ يُقَابِلُ الْفِعْلَ لَا الْمَحِلَّ.
وَكَذَا سَمَّى الْوَاجِبَ كَفَّارَةً بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: 95] ، وَالْكَفَّارَةُ جَزَاءُ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا بَدَلُ الْمَحِلِّ فَتَتَّحِدُ بِاتِّحَادِ الْمَحِلِّ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ صَيْدِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ يُشْبِهُ ضَمَانَ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحَرَمِ، وَالْحَرَمُ وَاحِدٌ فَلَا تَجِبُ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَتَلَ صَيْدًا مُعَلَّمًا، كَالْبَازِي وَالشَّاهِينِ وَالصَّقْرِ وَالْحَمَامِ الَّذِي يَجِيءُ مِنْ مَوَاضِعَ بَعِيدَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتَانِ: قِيمَتُهُ مُعَلَّمًا لِصَاحِبِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَقِيمَتُهُ غَيْرَ مُعَلَّمٍ حَقًّا لِلَّهِ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى حَقَّيْنِ: حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْعَبْدِ، وَالتَّعْلِيمُ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ فِي حَقِّ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَتَعَالَى عَنْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ، وَلِأَنَّ الضَّمَانَ الَّذِي هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يَتَعَلَّقُ بِكَوْنِهِ صَيْدًا، وَكَوْنُهُ مُعَلَّمًا وَصْفٌ زَائِدٌ عَلَى كَوْنِهِ صَيْدًا فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ، وَقَدْ قَالُوا فِي الْحَمَامَةِ الْمُصَوِّتَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا مُصَوِّتَةً فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ غَيْرَ مُصَوِّتَةٍ.
وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ كَوْنَهَا مُصَوِّتَةً مِنْ بَابِ الْحُسْنِ وَالْمَلَاحَةِ، وَالصَّيْدُ مَضْمُونٌ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ قَتَلَ صَيْدًا حَسَنًا مَلِيحًا لَهُ زِيَادَةُ قِيمَةٍ تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَكَمَا لَوْ قَتَلَ حَمَامَةً مُطَوَّقَةً أَوْ فَاخِتَةَ مُطَوَّقَةً.
وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَعَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ كَوْنَهَا مُصَوِّتَةً لَا يَرْجِعُ إلَى كَوْنِهِ صَيْدًا فَلَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ ضَمَانُ ذَلِكَ، وَهَذَا يَشْكُلُ بِالْمُطَوَّقَةِ وَالصَّيْدِ الْحَسَنِ الْمَلِيحِ وَلَوْ أَخَذَ بَيْضَ صَيْدٍ فَشَوَاهُ أَوْ كَسَرَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ حَكَمُوا فِي بَيْضِ النَّعَامَةِ بِقِيمَتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ أَصْلُ الصَّيْدِ إذْ الصَّيْدُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ فَيُعْطَى لَهُ حُكْمُ الصَّيْدِ احْتِيَاطًا، فَإِنْ شَوَى بَيْضًا أَوْ جَرَادًا فَضَمِنَهُ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ وَلَوْ أَكَلَهُ أَوْ غَيَّرَهُ حَلَالًا كَانَ أَوْ مُحْرِمًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ الَّذِي قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ.
وَلَوْ أَكَلَ الْمُحْرِمُ الصَّائِدُ مِنْهُ بَعْدَ مَا أَدَّى جَزَاءَهُ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَكَلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَاكَ لِكَوْنِهِ مَيْتَةً لِعَدَمِ الذَّكَاةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الذَّكَاةِ، وَالْحُرْمَةُ هَهُنَا لَيْسَتْ لِمَكَانِ كَوْنِهِ مَيْتَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الذَّكَاةِ فَصَارَ كَالْمَجُوسِيِّ إذَا شَوَى بَيْضًا أَوْ جَرَادًا أَنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ كَذَا هَذَا، فَإِنْ كَسَرَ الْبَيْضَ فَخَرَجَ مِنْهُ فَرْخٌ مَيِّتٌ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ حَيًّا يُؤْخَذُ فِيهِ بِالثِّقَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَاعْتَبَرَهُ بِالْجَنِينِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ ضَمَانُ الْجِنَايَاتِ، وَفِي الْجَنِينِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ كَذَا فِيهِ، وَلَنَا أَنَّ الْفَرْخَ صَيْدٌ؛ لِأَنَّهُ يُفْرَضُ أَنْ يَصِيرَ صَيْدًا فَيُعْطَى لَهُ حُكْمُ الصَّيْدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَاتَ بِكَسْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَضَمَانُ الصَّيْدِ يُؤْخَذُ فِيهِ بِالِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى يُحْتَاطُ فِي إيجَابِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَ بَطْنَ ظَبْيَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا ثُمَّ مَاتَتْ الظَّبْيَةُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا يُؤْخَذُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِالثِّقَةِ، أَمَّا قِيمَةُ الْأُمِّ فَلِأَنَّهُ قَتَلَهَا.
وَأَمَّا قِيمَةُ الْجَنِينِ؛ فَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا فَيُحْكَمُ بِالضَّمَانِ احْتِيَاطًا فَإِنْ قَتَلَ ظَبْيَةً حَامِلًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا حَامِلًا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَجْرِي مَجْرَى صِفَاتِهَا وَحُسْنِهَا وَمَلَاحَتِهَا وَسِمَنِهَا، وَالصَّيْدُ مَضْمُونٌ بِأَوْصَافِهِ وَلَوْ حَلَبَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ الْحَلْبُ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّيْدِ فَإِذَا نَقَصَهُ الْحَلْبُ، يَضْمَنُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ كَالصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ.

وَأَمَّا إذَا قَتَلَ الصَّيْدَ تَسَبُّبًا فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي التَّسَبُّبِ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا.
بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَصَبَ شَبَكَةً فَتَعَلَّقَ بِهِ صَيْدٌ وَمَاتَ أَوْ حَفَرَ حَفِيرَةً لِلصَّيْدِ فَوَقَعَ فِيهَا فَعَطِبَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي التَّسَبُّبِ.
وَلَوْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا لِنَفْسِهِ فَتَعَلَّقَ بِهِ صَيْدٌ فَمَاتَ أَوْ حَفَرَ حَفِيرَةً لِلْمَاءِ أَوْ لِلْخَبْزِ فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَمَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي التَّسَبُّبِ، وَهَذَا كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ وَمَاتَ يَضْمَنُ.
وَلَوْ كَانَ الْحَفْرُ فِي دَارِ نَفْسِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُتَعَدِّيًا بِالتَّسَبُّبِ وَفِي الثَّانِي لَا، كَذَا هَذَا وَلَوْ أَعَانَ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْإِعَانَةَ عَلَى الصَّيْدِ تُسَبِّبُ إلَى قَتْلِهِ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ؛ لِأَنَّهُ تَعَاوَنَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] وَلَوْ دَلَّ عَلَيْهِ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْلُولُ يَرَى الصَّيْدَ أَوْ يَعْلَمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ أَوْ إشَارَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَرَاهُ أَوْ يَعْلَمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَتِهِ.
فَلَا أَثَرَ لِدَلَالَتِهِ فِي تَفْوِيتِ الْأَمْنِ عَلَى الصَّيْدِ فَلَمْ تَقَعْ الدَّلَالَةُ تَسَبُّبًا إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ، فَقَتَلَهُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست