responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 190
جِنَايَةً كَامِلَةً فَيُوجِبُ كَفَّارَةً كَامِلَةً، وَتَطْيِيبَ مَا دُونِهِ ارْتِفَاقٌ قَاصِرٌ فَيُوجِبُ كَفَّارَةً قَاصِرَةً، إذْ الْحُكْمُ يَثْبُتُ عَلَى قَدْرِ السَّبَبِ فَإِنْ طَيَّبَ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةً مِنْ كُلِّ عُضْوٍ يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَإِذَا بَلَغَ عُضْوًا كَامِلًا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ لِمَا قُلْنَا.

وَإِنْ طَيَّبَ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا، فَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْجِنَايَةِ وَاحِدٌ حَظَرَهَا إحْرَامٌ وَاحِدٌ مِنْ جِهَةٍ غَيْرِ مُتَقَوَّمَةٍ فَيَكْفِيهِ دَمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِأَنْ طَيَّبَ كُلَّ عُضْوٍ فِي مَجْلِسٍ عَلَى حِدَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ دَمٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ سَوَاءٌ ذَبَحَ لِلْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَذْبَحْ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ ذَبَحَ لِلْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْجِمَاعِ بِأَنْ جَامَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ جَامَعَ، أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَمَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ ذَبَحَ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ، وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْ يَكْفِي دَمٌ وَاحِدٌ قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَسَنَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَوْ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ فَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ مُطَيِّبًا كَدُهْنِ: الْبَنَفْسَجِ، وَالْوَرْدِ، وَالزِّئْبَقِ، وَالْبَانِ، وَالْحَرَى، وَسَائِرِ الْأَدْهَانِ الَّتِي فِيهَا الطِّيبُ فَعَلَيْهِ دَمٌ إذَا بَلَغَ عُضْوًا كَامِلًا.
وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْبَنَفْسَجَ لَيْسَ بِطِيبٍ، وَأَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ دُهْنٌ مُطَيِّبٌ فَأَشْبَهَ الْبَانَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَدْهَانِ الْمُطَيِّبَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَيِّبٍ بِأَنْ ادَّهَنَ بِزَيْتٍ أَوْ بِشَيْرَجٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " إنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي شَعْرِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَدَنِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ " احْتَجَّا بِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ادَّهَنَ بِزَيْتٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ» وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلدَّمِ لَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَفْعَلُ مَا يُوجِبُ الدَّمَ؛ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُطَيِّبِ مِنْ الْأَدْهَانِ يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْغِذَاءِ فَأَشْبَهَ اللَّحْمَ وَالشَّحْمَ وَالسَّمْنَ إلَّا أَنَّهُ يُوجِبُ الصَّدَقَةَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ الْهَوَامَّ لَا لِكَوْنِهِ طِيبًا، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رُوِيَ عَنْ أَمِّ حَبِيبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهُ لَمَّا نُعِيَ إلَيْهَا وَفَاةُ أَخِيهَا قَعَدَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَدْعَتْ بِزِنَةِ زَيْتٍ وَقَالَتْ: " مَا لِي إلَى الطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ لَكِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» سَمَّتْ الزَّيْتَ طِيبًا؛ وَلِأَنَّهُ أَصْلُ الطِّيبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُطَيَّبُ بِإِلْقَاءِ الطَّيِّبِ فِيهِ، فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى وَجْهِ الطَّيِّبِ كَانَ كَسَائِرِ الْأَدْهَانِ الْمُطَيِّبَةِ؛ وَلِأَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ الَّذِي هُوَ عَلَمُ الْإِحْرَامِ وَشِعَارُهُ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ، فَصَارَ جَارِحًا إحْرَامَهُ بِإِزَالَةِ عَلَمِهِ، فَتَكَامَلَتْ جِنَايَتُهُ فَيَجِبُ الدَّمُ.
وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا كَانَ لَا يَفْعَلُ مَا يُوجِبُ الدَّمَ كَانَ لَا يَفْعَلُ مَا يُوجِبُ الصَّدَقَةَ، وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ فَكَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ حَالَةَ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ، ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُكَفِّرْ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَ وَكَفَّرَ، فَلَا يَكُونُ حُجَّةً.

وَلَوْ دَاوَى بِالزَّيْتِ جُرْحَهُ أَوْ شُقُوقَ رِجْلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلَ الطِّيبِ لَكِنَّهُ مَا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى وَجْهِ الطِّيبِ، فَلَا تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَدَاوَى بِالطِّيبِ لَا لِلتَّطَيُّبِ أَنَّهُ تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ طِيبٌ فِي نَفْسِهِ فَيَسْتَوِي فِيهِ اسْتِعْمَالُهُ لِلتَّطَيُّبِ أَوْ لِغَيْرِهِ؛ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ دَهَنَ شُقَاقَ رِجْلَيْهِ طَعَنَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ: " الصَّحِيحُ شُقُوقُ رِجْلَيْهِ " وَإِنَّمَا قَالَ مُحَمَّدٌ: ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ قَالَ هَكَذَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمِنْ سِيرَةِ أَصْحَابِنَا الِاقْتِدَاءُ بِأَلْفَاظِ الصَّحَابَةِ وَمَعَانِي كَلَامِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

وَإِنْ ادَّهَنَ بِشَحْمٍ أَوْ سَمْنٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ فِي نَفْسِهِ، وَلَا أَصْلَ لِلطِّيبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُطَيَّبُ بِإِلْقَاءِ الطِّيبِ فِيهِ، وَلَا يَصِيرُ طِيبًا بِوَجْهٍ، وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْبَدَنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: نَوْعٌ هُوَ طِيبٌ مَحْضٌ مُعَدٌّ لِلتَّطَيُّبِ بِهِ كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ، وَالْعَنْبَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ اُسْتُعْمِلَ حَتَّى قَالُوا: لَوْ دَاوَى عَيْنَهُ بِطِيبٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ عُضْوٌ كَامِلٌ اسْتَعْمَلَ فِيهِ الطِّيبَ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَنَوْعٌ لَيْسَ بِطِيبٍ بِنَفْسِهِ وَلَا فِيهِ مَعْنَى الطِّيبِ، وَلَا يَصِيرُ طِيبًا بِوَجْهٍ كَالشَّحْمِ فَسَوَاءٌ أُكِلَ أَوْ اُدُّهِنَ بِهِ أَوْ جُعِلَ فِي شُقَاقِ الرِّجْلِ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ.
وَنَوْعٌ لَيْسَ بِطِيبٍ بِنَفْسِهِ لَكِنَّهُ أَصْلُ الطِّيبِ، يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ الطِّيبِ، وَيُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ الْإِدَامِ كَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ، فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْأَدْهَانِ فِي الْبَدَنِ يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الطِّيبِ، وَإِنْ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست