responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 140
عَلَى رَمْيٍ كَامِلٍ.
وَكَذَا الثَّالِثُ، وَإِنْ اسْتَقْبَلَ رَمْيَهَا فَهُوَ أَفْضَلُ لِيَكُونَ الرَّمْيُ فِي الثَّلَاثِ الْبَوَاقِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ، وَهُوَ التَّرْتِيبُ، وَلَوْ نَقَصَ حَصَاةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهِنَّ نَقَصَهَا أَعَادَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ حَصَاةً إسْقَاطًا لِلْوَاجِبِ عَنْ نَفْسِهِ بِيَقِينٍ كَمَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَا يَدْرِي أَيَّتَهَا هِيَ: أَنَّهُ يُعِيدُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ كَذَا هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ]
(فَصْلٌ) :
، وَأَمَّا الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ فَالْكَلَامُ فِيهِ يَقَعُ فِي.
وُجُوبِهِ، وَفِي بَيَانِ مِقْدَارِ الْوَاجِبِ، وَفِي بَيَانِ زَمَانِهِ، وَمَكَانِهِ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِهِ إذَا وُجِدَ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِ تَأَخُّرِهِ عَنْ وَقْتِهِ، وَفِعْلِهِ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وَاجِبٌ عِنْدَنَا إذَا كَانَ عَلَى رَأْسه شَعْرٌ لَا يَتَحَلَّلُ بِدُونِهِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَيَتَحَلَّلُ مِنْ الْحَجِّ بِالرَّمْيِ، وَمِنْ الْعُمْرَةِ بِالسَّعْيِ، احْتَجَّ عَمَّا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَطَبَ بِعَرَفَةَ، وَعَلَّمَهُمْ أَمْرَ الْحَجِّ فَقَالَ لَهُمْ: إذَا جِئْتُمْ مِنًى فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حُرِّمَ عَلَى الْحَاجِّ إلَّا النِّسَاءَ، وَالطِّيبَ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: 29] .
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ التَّفَثَ حِلَاقُ الشَّعْرِ، وَلُبْسُ الثِّيَابِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ إنَّهُ حَلْقُ الرَّأْسِ، وَقَصُّ الْأَظَافِرِ، وَالشَّارِبِ، وَلِأَنَّ التَّفَثَ فِي اللُّغَةِ الْوَسَخُ يُقَالُ: امْرَأَةٌ تَفِثَةٌ إذَا كَانَتْ خَبِيثَةَ الرَّائِحَةِ وقَوْله تَعَالَى {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] قِيلَ فِي بَعْضِ وُجُوهِ التَّأْوِيلِ: إنَّ قَوْلَهُ لَتَدْخُلُنَّ خَبَرٌ بِصِيغَتِهِ، وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ أَيْ اُدْخُلُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ فَيَقْتَضِي وُجُوبَ الدُّخُولِ بِصِفَةِ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِير؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: " آمِنِينَ " أَيْ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَأْمَنُوا تَدْخُلُوا، وَإِنْ شَاءَ لَا تَأْمَنُوا لَا تَدْخُلُونَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ عَلَى الْإِخْبَارِ وَالْوَعْدِ عَلَى مَا يَقْتَضِيه ظَاهِرُ الصِّيغَةِ فَلَا بُدَّ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُخْبَرُ بِهِ عَلَى مَا أَخْبَرَ، وَهُوَ دُخُولُهُمْ مُحَلِّقِينَ وَمُقَصِّرِينَ، وَذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِاخْتِيَارِهِمْ.
وَقَدْ يُوجَدُ وَقَدْ لَا يُوجَدْ فَلَا بُدَّ مِنْ الدُّخُولِ لِيَكُونَ الْوُجُوبُ حَامِلًا لَهُمْ عَلَى التَّحْصِيلِ فَيُوجَدَ الْمُخْبَرُ بِهِ ظَاهِرًا، وَغَالِبًا فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ عَلَى طَرِيقِ التَّيَمُّنِ وَالتَّبَرُّكِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ يَرْجِعُ إلَى دُخُولِ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ الْبَعْضُ أَوْ يُمْنَعَ بِمَانِعٍ فَيُحْمَلَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْخُلْفِ فِي الْخَبَرِ، وَقَوْلُهُ {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] أَيْ: بَعْضُكُمْ مُحَلِّقِينَ، وَبَعْضُكُمْ مُقَصِّرِينَ لِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْحَلْقِ، وَالتَّقْصِيرِ فَدَلَّ أَنَّ الْحَلْقَ أَوْ التَّقْصِيرَ، وَاجِبٌ، لَكِنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا، وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، فَقِيلَ لَهُ: وَالْمُقَصِّرِينَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، فَقِيلَ لَهُ: وَالْمُقَصِّرِينَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، وَالْمُقَصِّرِينَ» ، وَلِأَنَّ فِي الْحَلْقِ تَقْصِيرًا وَزِيَادَةً، وَلَا حَلْقَ فِي التَّقْصِيرِ أَصْلًا، فَكَانَ الْحَلْقُ أَفْضَلَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيُضْمَرُ فِيهِ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ، مَعْنَاهُ فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ، وَحَلَقَ أَوْ قَصَّرَ فَقَدْ حَلَّ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ، هَذَا إذَا كَانَ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ: أَجَرَى الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ أَجْرَى الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ، وَالْقُدُورِيُّ رَوَاهُ مَرْفُوعًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ تَحْقِيقِ الْحَلْقِ فَلَمْ يَعْجِزْ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْحَالِقِينَ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ، فَإِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِالنُّورَةِ أَجْزَأَهُ وَالْمُوسَى أَفْضَلُ، أَمَّا الْجَوَازُ فَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ إزَالَةُ الشَّعْرِ.
وَأَمَّا أَفْضَلِيَّةُ الْحَلْقِ بِالْمُوسَى فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: 27] وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْحَلْقِ يَقَعُ عَلَى الْحَلْقِ بِالْمُوسَى.
وَكَذَا «النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَقَ بِالْمُوسَى، وَكَانَ يَخْتَارُ مِنْ الْأَعْمَالِ أَفْضَلَهَا» ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْصَرًا، فَأَمَّا الْمُحْصَرُ فَلَا حَلْقَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٍ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: عَلَيْهِ الْحَلْقُ، وَسَنَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِحْصَارِ.
وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ، وَالتَّقْصِيرُ فَغَسَلَ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ مَقَامَ الْحَلْقِ، لَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَعَلَيْهِ الدَّمُ لِغَسْلِ رَأْسِهِ بِالْخِطْمِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ لَا دَمَ عَلَيْهِ، ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ الْخِلَافَ، وَقَالَ الْجَصَّاصُ: لَا أَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ أَوْ التَّقْصِيرَ، وَاجِبٌ لِمَا ذَكَرْنَا فَلَا يَقَعُ التَّحَلُّلُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا، وَلَمْ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست