responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 198
بِالتَّكْبِيرِ بِدْعَةٌ إلَّا فِي مَوْرِدِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَلَا نَصَّ وَلَا إجْمَاعَ إلَّا فِي الْمَكْتُوبَاتِ.
وَكَذَا لَا يُكَبَّرُ عَقِيبَ صَلَاةِ الْعِيدِ عِنْدَنَا لِمَا قُلْنَا وَيُكَبَّرُ عَقِيبَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ كَالظُّهْرِ.
وَأَمَّا الْكَلَامُ مَعَ أَصْحَابِنَا فَهُمَا احْتَجَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28] ، وَقَوْلِهِ {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِ مَكَان أَوْ جِنْسٍ أَوْ حَالٍ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَا يُوجِبُ قَطْعَ الصَّلَاةِ مِنْ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ يُوجِبُ قَطْعَ التَّكْبِيرِ فَكُلُّ مَنْ صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ يَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» وَقَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ وَلَا فِطْرَ وَلَا أَضْحَى إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ.
وَالْمُرَادُ مِنْ التَّشْرِيقِ هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ هَكَذَا قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَكَانَ مِنْ أَرْبَابِ اللُّغَةِ فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُ، وَلِأَنَّ التَّصْدِيقَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْإِظْهَارُ، وَالشُّرُوقَ هُوَ الظُّهُورُ يُقَالُ: شَرَقَتْ الشَّمْسُ إذَا طَلَعَتْ وَظَهَرَتْ سُمِّيَ مَوْضِعُ طُلُوعِهَا وَظُهُورِهَا مَشْرِقًا لِهَذَا، وَالتَّكْبِيرُ نَفْسُهُ إظْهَارٌ لِكِبْرِيَاءِ اللَّهِ وَهُوَ إظْهَارُ مَا هُوَ مِنْ شِعَارِ الْإِسْلَامِ فَكَانَ تَشْرِيقًا، وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ بِقَوْلِهِ: وَلَا فِطْرَ وَلَا أَضْحَى فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا عَلَى إلْقَاءِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بِالْمَشْرِقَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَان فَتَعَيَّنَ التَّكْبِيرُ مُرَادًا بِالتَّشْرِيقِ وَلِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَإِعْلَامُ الدِّينِ وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ لَا يُشْرَعُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَشْتَهِرُ فِيهِ وَيَشِيعُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا فِي الْمِصْرِ الْجَامِعِ وَلِهَذَا يَخْتَصُّ بِهِ الْجُمَعُ وَالْأَعْيَادُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَقْتَضِي أَنْ لَا يَأْتِيَ بِهِ الْمُنْفَرِدُ وَالنِّسْوَانُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الِاشْتِهَارِ يَخْتَصُّ بِالْجَمَاعَةِ دُونَ الْأَفْرَادِ وَلِهَذَا لَا يُصَلِّي الْمُنْفَرِدُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، وَأَمْرُ النِّسْوَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى السَّتْرِ دُونَ الْإِشْهَارِ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ فَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِيهَا.
وَأَمَّا الْأُولَى فَنَحْمِلُهَا عَلَى خُصُوصِ الْمَكَانِ وَالْجِنْسِ وَالْحَالِ عَمَلًا بِالدَّلِيلَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَمَا ذَكَرُوا مِنْ مَعْنَى التَّبَعِيَّةِ مُسَلَّمٌ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِ الْمِصْرِ وَالْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الشَّرَائِطِ، فَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَلَا نُسَلِّمُ التَّبِيعَةَ.
وَلَوْ اقْتَدَى الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّكْبِيرُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ تَابِعًا لِإِمَامِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَغَيَّرَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا فَيُكَبِّرُ بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ، وَكَذَا النِّسَاءُ إذَا اقْتَدَيْنَ بِرَجُلٍ وَجَبَ عَلَيْهِنَّ عَلَى سَبِيلِ الْمُتَابَعَةِ فَإِنْ صَلَّيْنَ بِجَمَاعَةٍ وَحْدَهُنَّ فَلَا تَكْبِيرَ عَلَيْهِنَّ لِمَا قُلْنَا.
وَأَمَّا الْمُسَافِرُونَ إذَا صَلَّوْا فِي الْمِصْرِ بِجَمَاعَةٍ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَلَيْهِمْ التَّكْبِيرَ وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا تَكْبِيرَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ مُغَيِّرٌ لِلْفَرْضِ مُسْقِطٌ لِلتَّكْبِيرِ ثُمَّ فِي تَغَيُّرِ الْفَرْضِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلُّوا فِي الْمِصْرِ أَوْ خَارِجَ الْمِصْرِ فَكَذَا فِي سُقُوطِ التَّكْبِيرِ، وَلِأَنَّ الْمِصْرَ الْجَامِعَ شَرْطٌ وَالْمُسَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ فَالْتَحَقَ الْمِصْرُ فِي حَقِّهِ بِالْعَدَمِ.

[فَصْلٌ بَيَانُ حُكْمِ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ حُكْمِ التَّكْبِيرِ فِيمَا دَخَلَ مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي حَدِّ الْقَضَاءِ فَنَقُولُ: لَا يَخْلُو إمَّا إنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَوْ فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، أَوْ فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَإِنْ فَاتَتْهُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يُكَبِّرُ عَقِيبَهَا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى حَسْبِ الْأَدَاءِ وَقَدْ فَاتَتْهُ بِلَا تَكْبِيرٍ فَيَقْضِيهَا كَذَلِكَ، وَإِنْ فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ لَا يُكَبِّرُ عَقِيبِهَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَى حَسَبِ الْأَدَاءِ وَقَدْ فَاتَتْهُ مَعَ التَّكْبِيرِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ بِدْعَةٌ فِي الْأَصْلِ إلَّا حَيْثُ وَرَدَ الشَّرْعُ وَالشَّرْعُ مَا وَرَدَ بِهِ فِي وَقْتِ الْقَضَاءِ فَبَقِيَ بِدْعَةً.
فَإِنْ فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَقَضَاهَا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ لَا يُكَبِّرُ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُكَبِّرُ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ بِدْعَةٌ إلَّا فِي مَوْرِدِ الشَّرْعِ وَالشَّرْعُ وَرَدَ بِجَعْلِ هَذَا الْوَقْتِ وَقْتًا لِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ عَقِيبَ صَلَاةٍ هِيَ مِنْ صَلَوَاتِ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِجَعْلِهِ وَقْتًا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَبَقِيَ بِدْعَةً كَأُضْحِيَّةٍ فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّقَرُّبُ بِإِرَاقَةِ دَمِهَا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَإِنْ عَادَ الْوَقْتُ، وَكَذَا رَمْيُ الْجِمَارِ لِمَا ذَكَرْنَا فَكَذَا هَذَا وَإِنْ فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَقَضَاهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ سُنَّةُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَقَدْ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ لِكَوْنِ الْوَقْتِ وَقْتًا لِتَكْبِيرَاتِ الصَّلَوَاتِ الْمَشْرُوعَاتِ فِيهَا.

[فَصْلٌ فِي سُنَنِ حُكْمِ التَّكْبِيرِ أَيَّام التَّشْرِيق]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا سُنَنُهَا فَكَثِيرَةٌ، بَعْضُهَا صَلَاةٌ بِنَفْسِهِ، وَبَعْضُهَا مِنْ لَوَاحِقِ الصَّلَاةِ.
أَمَّا الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ بِنَفْسِهِ فَالسُّنَنُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست