responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 5
دَارِي تَلِبُّ دَارَك أَيْ تُوَاجِهُهَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ لَبَّيْكَ اتِّجَاهِي لَك يَا رَبِّ، وَقِيلَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ امْرَأَةٌ لَبَّةٌ أَيْ مُحِبَّةٌ لِزَوْجِهَا فَمَعْنَاهُ مَحَبَّتِي لَك يَا رَبِّ.
وَالثَّانِي أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَنَا أَنْ يُلَبِّيَ مِنْ دُبُرِ صَلَوَاتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ يُلَبِّي حِينَ تَسْتَوِي بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَذَكَرَ جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّى حِينَ عَلَا الْبَيْدَاءَ» إلَّا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَدَّ هَذَا فَقَالَ: «إنَّ بَيْدَاءَكُمْ هَذِهِ تَكْذِبُونَ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا لَبَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ».
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَيْفَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وَقْتِ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَا حَجَّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ: لَبَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دُبُرِ صَلَوَاتِهِ فَسَمِعَ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فَنَقَلُوهُ، وَكَانُوا الْقَوْمُ يَأْتُونَهُ أَرْسَالًا فَلَبَّى حِينَ اسْتَوَتْ فَسَمِعَ تَلْبِيَتَهُ قَوْمٌ فَظَنُّوا أَنَّهُ أَوَّلُ تَلْبِيَتِهِ فَنَقَلُوا ذَلِكَ، ثُمَّ لَبَّى حِينَ عَلَا الْبَيْدَاءَ فَسَمِعَهُ آخَرُونَ فَظَنُّوا أَنَّهُ أَوَّلُ تَلْبِيَتِهِ فَنَقَلُوا ذَلِكَ، وَاَيْمُ اللَّهِ مَا أَوْجَبَهَا إلَّا فِي مُصَلَّاهُ».
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ التَّلْبِيَةَ جَوَابُ الدُّعَاءِ، وَالْكَلَامُ فِي أَنَّ الدَّاعِيَ مَنْ هُوَ فَقِيلَ: الدَّاعِي هُوَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [إبراهيم: 10].
وَقِيلَ: الدَّاعِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه: إنَّ سَيِّدًا بَنَى دَارًا وَاِتَّخَذَ فِيهَا مَأْدُبَةً، وَبَعَثَ دَاعِيًا. وَأَرَادَ بِالدَّاعِي نَفْسَهُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الدَّاعِيَ هُوَ الْخَلِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ أُمِرَ بِأَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إلَى الْحَجِّ فَصَعِدَ بِأَبِي قُبَيْسٍ، وَقَالَ: أَلَا إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِبِنَاءِ بَيْتٍ لَهُ، وَقَدْ بُنِيَ أَلَا فَحُجُّوهُ فَبَلَّغَ اللَّهُ صَوْتَهُ النَّاسَ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَأَرْحَامِ أُمَّهَاتِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ مَرَّةً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ مَرَّتَيْنِ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَعَلَى حَسَبِ جَوَابِهِمْ يَحُجُّونَ، وَبَيَانُ هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] الْآيَةَ. فَالتَّلْبِيبَةُ إجَابَةٌ لِدُعَاءِ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، ثُمَّ صِفَةُ التَّلْبِيَةِ أَنْ يَقُولَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك، هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي صِفَةِ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ اخْتَارَ نَصْبَ الْأَلِفِ فِي قَوْلِهِ إنَّ الْحَمْدَ، وَمَعْنَاهُ لِأَنَّ الْحَمْدَ أَوْ بِأَنَّ الْحَمْدَ فَأَمَّا الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا: الْكَسْرُ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَوَافَقَهُ الْفَرَّاءُ؛ لِأَنَّ بِكَسْرِ الْأَلِفِ يَكُونُ ابْتِدَاءَ الثَّنَاءِ، وَبِنَصْبِ الْأَلِفِ يَكُونُ وَصْفًا لِمَا تَقَدَّمَ، وَابْتِدَاءُ الثَّنَاءِ أَوْلَى، وَلَا بَأْسَ عِنْدَنَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى هَذِهِ التَّلْبِيَةِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ اخْتِلَافٌ يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إنْ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست