responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 138
وَالْبَقَرِ.
(قَالَ): وَالتَّجْلِيلُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ هَدَايَا رَسُولِ اللَّهِ كَانَتْ مُقَلَّدَةً مُجَلَّلَةً حَيْثُ «قَالَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تَصَدَّقْ بِجِلَالِهَا وَخِطَامِهَا»، وَإِنْ تَرَكَ التَّجْلِيلَ لَمْ يَضُرَّهُ وَالتَّقْلِيدُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ التَّجْلِيلِ؛ لِأَنَّ لِلتَّقْلِيدِ ذِكْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ التَّجْلِيلِ. وَأَمَّا الْإِشْعَارُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا هُوَ حَسَنٌ فِي الْبَدَنَةِ، وَإِنْ تَرَكَ لَمْ يَضُرَّهُ، وَصِفَةُ الْإِشْعَارِ هُوَ أَنْ يَضْرِبَ بِالْمِبْضَعِ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ سَنَامِ الْبَدَنَةِ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ مِنْهُ ثُمَّ يُلَطِّخَ بِذَلِكَ الدَّمَ سَنَامَهُ، سُمِّيَ ذَلِكَ إشْعَارًا بِمَعْنَى أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَامَةً لَهُ، وَالْإِشْعَارُ هُوَ الْإِعْلَامُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: الْإِشْعَارُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنْ السَّنَامِ، وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْعَرَ الْبُدْنَ بِيَدِهِ» وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ظَاهِرٌ حَتَّى قَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْلَ الْإِشْعَارِ وَكَيْف يَكْرَهُ ذَلِكَ مَعَ مَا اشْتَهَرَ فِيهِ مِنْ الْآثَارِ، وَإِنَّمَا كَرِهَ إشْعَارَ أَهْلِ زَمَانِهِ؛ لِأَنَّهُ رَآهُمْ يَسْتَقْصُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ يَخَافُ مِنْهُ هَلَاكَ الْبَدَنَةِ لِسِرَايَتِهِ خُصُوصًا فِي حَرِّ الْحِجَازِ فَرَأَى الصَّوَابَ فِي سَدِّ هَذَا الْبَابِ عَلَى الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُرَاعُونَ الْحَدَّ، فَأَمَّا مَنْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَطَعَ الْجِلْدَ فَقَطْ دُونَ اللَّحْمِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ ثُمَّ حُجَّتُهُمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ إعْلَامٌ بِأَنَّهَا بَدَنَةٌ حَتَّى إذَا ضَلَّتْ رُدَّتْ، وَإِذَا وَرَدَتْ الْمَاءَ وَالْعَلَفَ لَمْ تُمْنَعْ لَكِنَّ هَذَا الْمَقْصُودَ بِالتَّقْلِيدِ لَا يَتِمُّ؛ لِأَنَّ الْقِلَادَةَ تُحَلُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ مِنْهُ فَإِنَّمَا يَتِمُّ بِالْإِشْعَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ فَكَانَ الْإِشْعَارُ حَسَنًا لِهَذَا وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ مَعْنَى الْإِعْلَامِ بِالتَّقْلِيدِ يَحْصُلُ وَهُوَ لِإِكْرَامِ الْبَدَنَةِ، وَلَيْسَ فِي الْإِشْعَارِ مَعْنَى الْإِكْرَامِ بَلْ ذَلِكَ يُؤْذِي الْبَدَنَةَ، وَلِأَنَّ التَّجْلِيلَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ مَنْدُوبًا لِدَفْعِ أَذَى الذُّبَابِ عَنْ الْبَدَنَةِ، وَالْإِشْعَارُ مِنْ جَوَالِبِ الذُّبَابِ فَلِهَذَا كَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

(قَالَ): وَلَا يَصِيرُ بِالْإِشْعَارِ وَالتَّجْلِيلِ مُحْرِمًا، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالتَّقْلِيدِ وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ عِنْدَنَا، وَفِي أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَجَعَلَ الْإِحْرَامَ قِيَاسَ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامُ الْكَفِّ عَنْ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْعِبَادَةِ يَحْصُلُ الشُّرُوعُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَالصَّوْمِ، وَعَلَى قَوْلِنَا الْإِحْرَامُ قِيَاسُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لِأَدَاءِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ، وَذَلِكَ يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالصَّلَاةِ فَكَمَا لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بِدُونِ التَّحْرِيمَةِ فَكَذَلِكَ فِي الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلصَّوْمِ إلَّا رُكْنٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِزَمَانِهِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست