responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 129
غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ فَكَانَتْ جِنَايَةً مُبْتَدَأَةً فَتَعَلَّقَ بِهَا مَا هُوَ مُوجِبُهَا

(قَالَ): فَإِنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ لِلضَّرُورَةِ أَيَّامًا، وَكَانَ يَنْزِعُ بِاللَّيْلِ لِلنَّوْمِ لَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ فَهَذِهِ كُلُّهَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا نَزَعَ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ ثُمَّ اضْطَرَّ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَبِسَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّ حُكْمَ الضَّرُورَةِ الْأُولَى قَدْ انْتَهَى بِالْبُرْءِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ يُدَاوِي الْقُرْحَةَ بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ مِرَارًا أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً مَا لَمْ يَبْرَأْ فَإِذَا بَرِئَ ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ قُرْحَةٌ أُخْرَى فَدَاوَاهَا بِالطِّيبِ فَهَذِهِ جِنَايَةٌ أُخْرَى، وَلَوْ كَانَ بِهِ حُمَّى غِبٍّ فَكَانَ يَلْبَسُهُ يَوْمَ الْحُمَّى وَلَا يَلْبَسُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَهَذِهِ كُلُّهَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجِبُ بِهَا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُحْوِجَةَ إلَى اللُّبْسِ قَائِمَةٌ، أَرَأَيْتُ لَوْ جَلَسَ فِي الشَّمْسِ فَاسْتَغْنَى عَنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ فَلَمَّا ذَهَبَتْ الشَّمْسُ احْتَاجَ إلَى الْمَخِيطِ فَأَعَادَ اللُّبْسَ أَكَانَتْ هَذِهِ جِنَايَةً أُخْرَى بَلْ الْكُلُّ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ مَادَامَ الْعِلَّةُ قَائِمَةً فَعَلَيْهِ أَيُّ الْكَفَّارَاتِ شَاءَ فَإِنْ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ فَدَعَا الْمَسَاكِينَ فَغَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَمْ يُجْزِهِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَبُو يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اعْتَبَرَ الْمَقْصُودَ، فَقَالَ: هَذَا طَعَامُ كَفَّارَةٍ فَيَتَأَدَّى بِالتَّغْذِيَةِ وَالتَّعْشِيَةِ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتَبِرُ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ فَيَقُولُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ هُنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَمَا وَرَدَ بِلَفْظَةِ الصَّدَقَةِ لَا يَتَأَدَّى بِطَعَامِ الْإِبَاحَةِ كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ

(قَالَ): فَإِنْ لَبِسَ الْمُحْرِمُ قَمِيصَهُ، وَلَمْ يُزَرِّرْهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ اسْتِمْتَاعَهُ بِلُبْسِ الْمَخِيطِ قَدْ تَمَّ فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّكَلُّفِ لِحِفْظِ الْقَمِيصِ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَزُرَّهُ

(قَالَ): وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ بِلُبْسِ الطَّيْلَسَانِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَاءِ، وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّيْلَسَانَ لَيْسَ بِمَخِيطٍ، وَلَكِنَّا أَخَذْنَا بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ الْإِزَارَ مُحِيطٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ إذَا زَرَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّكَلُّفِ لِحِفْظِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ لُبْسِ الْمَخِيطِ

(قَالَ): وَلَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْجَوْرَبَيْنِ كَمَا لَا يَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا

[يَضْرِبَ الْمُحْرِمُ فُسْطَاطًا لِيَسْتَظِلَّ بِهِ]
(قَالَ): وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَضْرِبَ الْمُحْرِمُ فُسْطَاطًا لِيَسْتَظِلَّ بِهِ عِنْدَنَا، وَكَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَكْرَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَكِنَّا نَأْخُذُ بِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُضْرَبُ لَهُ فُسْطَاطٌ فِي إحْرَامِهِ وَأَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ إذَا آذَاهُ الْحُرُّ أَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَى شَجَرَةٍ وَاسْتَظَلَّ تَحْتَهُ، وَلِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَظِلَّ بِسَقْفِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمَاسُّ بَدَنَهُ فَكَذَلِكَ الْفُسْطَاطُ.
(قَالَ) وَإِنْ دَخَلَ تَحْتَ سِتْرِ الْكَعْبَةِ حَتَّى غَطَّاهُ فَإِنْ كَانَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 4  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست