responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 521
مَا قَرَءُوا الصَّكَّ: نَشْهَدُ عَلَيْك فَحَرَّكَ رَأْسَهُ بِنَعَمْ، وَلَمْ يَنْطِقْ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ فَإِنْ اعْتَقَلَ وَاحْتَبَسَ لِسَانُهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تَجُوزُ وَتُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْعِبَارَةِ حَالَةَ عَجْزِهِ عَنْ النُّطْقِ، وَالْعِبَادَةِ قِيَاسًا عَلَى الْأَخْرَسِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ النُّطْقِ مِنْ تَحَقُّقٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْعَارِضُ، وَالْأَصْلِيُّ فِيمَا تَتَعَلَّقُ صِحَّتُهُ بِالنُّطْقِ كَالْعَجْزِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ، وَتَجُوزُ صَلَاةُ مَنْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَكَذَا هَذَا وَلَنَا أَنَّ الْإِشَارَةَ تَدُلُّ عَلَى النُّطْقِ، وَالْعِبَادَةُ إنَّمَا تَتَّصِلُ إلَى الْبَدَلِ حَالَةَ الْيَأْسِ عَنْ النُّطْقِ وَهُنَا لَمْ يَقَعْ الْيَأْسُ عَنْ النُّطْقِ؛ لِأَنَّ اعْتِقَالَ لِسَانِهِ وَاحْتِبَاسَهُ لَا يَدُومُ بَلْ بِعَرْضِ الزَّوَالِ، وَالِانْتِقَالِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ فَلَا تَقُومُ الْإِشَارَةُ مَقَامَ الْعِبَارَةِ وَأَنَّ الْإِشَارَةَ مُحْتَمِلَةٌ غَيْرُ مُعْلِمَةٍ.
إلَّا أَنَّ فِي الْأَخْرَسِ تُقَدَّمُ مِنْهُ إشَارَاتٌ مَفْهُومَةٌ وَآلَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى مُرَادَاتِهِ الْبَاطِنَةِ فَزَالَ الِاحْتِمَالُ عَنْ إشَارَاتِهِ فَقَامَتْ مَقَامَ نُطْقِهِ وَعِبَارَتِهِ وَهُنَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ إشَارَاتٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يُعْلَمَ بِإِشَارَاتِهِ مُرَادَاتُهُ فَبَقِيَتْ إشَارَتُهُ مُحْتَمِلَةً غَيْرَ مُفْهِمَةٍ فَلَا تَقُومُ مَقَامَ عِبَارَتِهِ فَأَمَّا إذَا طَالَتْ الْغَفْلَةُ أَوْ الْحَبْسَةُ فِي لِسَانِهِ وَدَامَ هَلْ تُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ لَا تُعْتَبَرُ اعْتِبَارًا لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْيَأْسُ عَنْ النُّطْقِ فَلَا تَقُومُ إشَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتِهِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ، وَقَدْ رَوَى هَذَا أَبُو عُمَرَ وَالصَّغَانِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اعْتِبَارًا لِلْمَعْنَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَالَتْ الْغَفْلَةُ صَارَ لَهُ إشَارَةٌ مَعْهُودَةٌ فَتَقُومُ مَقَامَ النُّطْقِ كَمَا فِي الْأَخْرَسِ وَإِضَافَةُ الْوَكَالَةِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ تَوْكِيلٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْوِصَايَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَكَالَةٌ.

وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي مَالِهِ كَانَ وَصِيًّا فِيهِ، وَفِي وَلَدِهِ وَإِذَا أَوْصَى إلَيْهِ فِي أَنْوَاعٍ وَسَكَتَ عَنْ نَوْعٍ فَالْوَصِيُّ فِي نَوْعٍ يَكُونُ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَعُمَّ وِصَايَتُهُ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى نَصْبِ وَصِيٍّ آخَرَ فَجَعْلُ مَنْ اخْتَارَهُ الْمَيِّتُ وَصِيًّا بِبَعْضِ أُمُورِهِ وَصِيًّا فِي كُلِّهَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ غَيْرِهِ وَصِيًّا؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأُمُورِ وَرَضِيَ بِتَصَرُّفِ هَذَا فِي بَعْضِ الْأُمُورِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَصْلَحَهُ وَاسْتَصْوَبَهُ فِي الْوِصَايَةِ فَكَوْنُ هَذَا وَصِيًّا عَلَى الْعُمُومِ أَوْلَى.

وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ وَصِيٌّ إلَى أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ الْأَوَّلُ وَصِيٌّ مَعَ الثَّانِي وَلَا يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِيصَاءَ قَابِلٌ لِلتَّوْقِيتِ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ أَوْ إثْبَاتُ وِلَايَةٍ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ قَابِلٌ لِلتَّوْقِيتِ فَيَتَوَقَّتُ وِصَايَةُ الْأَوَّلِ بِقُدُومِ فُلَانٍ فَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ انْعَزَلَ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا إلَى أَنْ يَقْدُمَ فُلَانٌ، وَصَارَ الثَّانِي وَصِيًّا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ وَصِيَّةَ الْأَوَّلِ بِالشَّرْطِ وَتَعْلِيقُ الْإِيصَاءِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ وَتَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ، وَالنِّيَابَةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ سَافَرْت فَأَنْت وَكِيلِي فِي أَمْرِي صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَى عَمْرٍو مَا لَمْ يَقْدَمْ زَيْدٌ وَسَكَتَ فَقَدِمَ زَيْدٌ كَانَ عَمْرٌو وَصِيًّا بَعْدَ قُدُومِ زَيْدٍ وَكَانَ أَقَامَ عَمْرًا وَصِيًّا؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارُ الْمَيِّتِ وَوَصِيُّهُ أَوْلَى مِنْ إقَامَةِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت إلَى عَمْرٍو مَا لَمْ يَقْدَمْ زَيْدٌ فَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدْ أَوْصَيْت إلَى زَيْدٍ كَانَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَمْرٌو وَصِيًّا مَعَهُ بَعْدَ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ مَنْ لَيْسَ بِمُخْتَارِ الْمَيِّتِ مَقَامَ عَمْرٍو وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَمَلِ وَيَلْحَقُهُ ضَرَرُ الْعُهْدَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ، وَالْتِزَامِهِ، وَإِذَا أَوْصَى إلَيْهِ فَقَبِلَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ رَدَّ لَمْ يَخْرُجْ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ مَا أَوْصَى إلَّا إلَى مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَصْدِقَاءِ، وَالْأُمَنَاءِ فَلَوْ اعْتَبَرَ الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَرُبَّمَا لَا يَقْبَلُ فَلَا يَحْصُلُ غَرَضُهُ وَهُوَ الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ.
وَقِيلَ لَوْ صَحَّ رَدُّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ تَضَرَّرَ بِهِ وَصَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ؛ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى قَبُولِهِ بِأَنْ يَقُومَ بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَالْوَصِيُّ بِقَبُولِ الْوِصَايَةِ الْتَزَمَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ فَلَوْ صَحَّ رَدُّهُ وَقَعَ الْمُوصِي فِي ضَرَرٍ وَيَصِيرُ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْوَصِيِّ فَصَارَتْ الْوِصَايَةُ لَازِمَةً عَلَيْهِ شَرْعًا بِالْتِزَامِهِ نَظَرًا لِلْمُوصِي دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّةَ لَوْ لَمْ يَصِحَّ رَدُّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَتَضَرَّرُ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ الثُّلُثُ إلَى الْوَرَثَةِ بَلْ الضَّرَرُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَلَوْ قَبِلَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي ثُمَّ رَدَّهُ فِي حَيَاتِهِ مُوَاجِهَةً يَصِحُّ وَلَا يَصِحُّ بِدُونِ مَحْضَرِ الْمُوصِي أَوْ عِلْمِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغُرُورِ كَمَا فِي الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ طَلَبَ مِنْهُ الِالْتِزَامَ بَعْدَ الْوَفَاةِ لِإِحَالَةِ الْحَيَاةِ وَلَا يُمْكِنُهُ فِي الْأَخِيرَةِ أَنْ يُوَصِّيَ إلَى غَيْرِهِ فَتَضَرَّرَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ شَاءَ قَبِلَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْمَيِّتَ مَغْرُورٌ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْأَلَ أَنْ يَقْبَلَهُ أَوْ لَا يَقْبَلَهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ وَاعْتَمَدَ عَلَى أَنَّهُ يَقْبَلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يُوصِ إلَى غَيْرِهِ فَقَدْ قَصَّرَ فِي أَمْرِهِ فَصَارَ مُغْتَرًّا مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لَا مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْوَصِيِّ، وَالْقَبُولُ تَارَةً يَكُونُ بِالْقَبُولِ وَتَارَةً بِالْفِعْلِ فَالْقَبُولُ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 521
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست