responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 130
[فَصْلٌ اخْتِلَافُ الْآثَارِ بِاخْتِلَافِ الْمَفَاسِدِ]
يَخْتَلِفُ إثْمُ الْمَفَاسِدِ بِاخْتِلَافِهَا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَبِاخْتِلَافِ مَا تُفَوِّتُهُ مِنْ الْمَنَافِعِ وَالْمَصَالِحِ، فَيَخْتَلِفُ الْإِثْمُ فِي قَطْعِ الْأَعْضَاءِ وَقَتْلِ النُّفُوسِ وَإِزَالَةِ مَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ بِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ، فَلَيْسَ إثْمُ مَنْ قَطَعَ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرُ مِنْ الرِّجْلِ كَإِثْمِ مَنْ قَطَعَ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ مِنْ الْيَدِ، لِمَا فَوَّتَهُ مِنْ مَنَافِعِهَا الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، وَسَوَاءٌ قَطَعَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ الْإِثْمُ فِي قَطْعِ الْأُذُنِ كَالْإِثْمِ فِي قَطْعِ اللِّسَانِ، لِمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ مَنَافِعِ اللِّسَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَيْسَ مَنْ قَتَلَ فَاسِقًا ظَالِمًا مِنْ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ بِمَثَابَةِ مَنْ قَتَلَ إمَامًا عَدْلًا، أَوْ حَاكِمًا مُقْسِطًا، أَوْ وَلِيًّا مُنْصِفًا، لِمَا فَوَّتَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ. وَعَلَى هَذَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْله تَعَالَى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] لَمَّا عَمَّتْ الْمَفْسَدَةُ فِي قَتْلِ نَفْسٍ جَعَلَ إثْمَهَا كَإِثْمِ مَنْ قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا لِمَا فَوَّتَهُ عَلَى النَّاسِ مِنْ مَصَالِحَ وَلَمَّا عَمَّتْ الْمَفْسَدَةُ فِي إنْقَاذِ وُلَاةِ الْعَدْلِ وَالْإِقْسَاطِ وَالْإِنْصَافِ مِنْ الْمَهَالِكِ، جَعَلَ أَجْرَ مُنْقِذِهَا كَأَجْرِ مُنْقِذِ النَّاسِ مِنْ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ جَمِيعًا لِعُمُومِ مَا سَعَى فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَكَذَلِكَ جِنَايَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى أَعْضَاءِ نَفْسِهِ يَتَفَاوَتُ إثْمُهَا بِتَفَاوُتِ مَنَافِعِ مَا جَنَى عَلَيْهِ، وَبِتَفَاوُتِ مَا فَوَّتَهُ عَلَى النَّاسِ مِنْ عَدْلِهِ وَإِقْسَاطِهِ وَبِرِّهِ وَإِنْصَافِهِ وَنُصْرَتِهِ لِلدِّينِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُتْلِفَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ، لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَلَيْسَ قَطْعُ الْعَالِمِ أَوْ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُفْتِي أَوْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِسَانَ نَفْسِهِ كَقَطْعِ مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِلِسَانِهِ.
وَكَذَلِكَ قَطْعُ الْبَطَلِ الشَّدِيدِ النِّكَايَةِ فِي الْجِهَادِ يَدَ نَفْسِهِ أَوْ رِجْلَ نَفْسِهِ أَعْظَمُ مِنْ قَطْعِ الضَّعِيفِ

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 1  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست