responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 488
(قَوْلُهُ بَابُ كَلَامِ الرَّبِّ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ)
أَيْ بَعْدَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ ظَاهِرَيْنِ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الرِّقَاقِ فِي بَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ قَالَ بن بَطَّالٍ اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْخَطَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهُوَ خِلَافُ ظَوَاهِرِ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ وَأَجَابَ بِأَنَّ إِخْرَاجَ الْعِبَادِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ مِنْ تَفَضُّلِهِ وَإِحْسَانِهِ وَكَذَلِكَ تَنْجِيزَ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّعِيمِ مِنْ تَفَضُّلِهِ وَإِحْسَانِهِ وَأَمَّا دَوَامُ ذَلِكَ فَزِيَادَةٌ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى الْمُجَازَاةِ لَوْ كَانَتْ لَازِمَةً وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلَمَّا كَانَتِ الْمُجَازَاةُ لَا تَزِيدُ فِي الْعَادَةِ عَلَى الْمُدَّةِ وَمُدَّةُ الدُّنْيَا مُتَنَاهِيَةٌ جَازَ أَنْ تَتَنَاهَى مُدَّةُ الْمُجَازَاةِ فَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِالدَّوَامِ فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً انْتَهَى مُلَخَّصًا وَقَالَ غَيْرُهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الرِّضَا أَفْضَلُ مِنَ اللِّقَاءِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ الرِّضَا أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الرِّضَا أَفْضَلُ مِنَ الْعَطَاءِ وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ فَاللِّقَاءُ مُسْتَلْزِمٌ لِلرِّضَا فَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ اللَّازِمِ وَإِرَادَةِ الْمَلْزُومِ كَذَا نَقَلَ الْكِرْمَانِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ حُصُولُ أَنْوَاعِ الرِّضْوَانِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا اللِّقَاءُ فَلَا إِشْكَالَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ إِضَافَةِ الْمَنْزِلِ لِسَاكِنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَصْلِ لَهُ فَإِنَّ الْجَنَّةَ مِلْكُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ أَضَافَهَا لِسَاكِنِهَا بِقَوْلِهِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ قَالَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ دَوَامِ رِضَاهُ بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِهِ قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ لَكَانَ خَبَرًا مِنْ بَابِ عِلْمِ الْيَقِينِ فَأَخْبَرَ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ لِيَكُونَ مِنْ بَابِ عَيْنِ الْيَقِينِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أعين قَالَ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَاطَبَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى بَعْضِهِ وَكَذَا يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنَ الْأُمُورِ إِلَّا قَدْرَ مَا يَحْمِلُهُ وَفِيهِ الْأَدَبُ فِي السُّؤَالِ لِقَوْلِهِمْ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا شَيْئًا أَفْضَلَ مِمَّا هُمْ فِيهِ فَاسْتَفْهَمُوا عَمَّا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَالْفَضْلَ وَالِاغْتِبَاطَ إِنَّمَا هُوَ فِي رِضَا اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَكُلُّ شَيْءٍ مَا عَدَاهُ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ فَهُوَ مِنْ أَثَرِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَا كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِحَالِهِ مَعَ اخْتِلَافِ مَنَازِلِهِمْ وَتَنْوِيعِ دَرَجَاتِهِمْ لِأَنَّ الْكُلَّ أَجَابُوا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَعْطَيْتُنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ثَانِيهُمَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ يَسْتَأْذِنُ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ

[7519] قَوْلُهُ فَأُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ فَأَسْرَعَ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَأَذِنَ لَهُ فَزَرَعَ فَأَسْرَعَ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مِنَ الشِّبَعِ وَلِلْمُسْتَمْلِي لَا يَسَعُكَ شَيْءٌ بِالْمُهْمَلَةِ بِغَيْر مُوَحدَة من الوسع قَوْلُهُ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَجِدُ هَذَا إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ قَالَ الدَّاوُدِيُّ قَوْلُهُ قُرَشِيًّا وَهْمٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَكْثَرِهِمْ زَرْعٌ قُلْتُ وَتَعْلِيلُهُ يَرُدُّ عَلَى نَفْيِهِ الْمُطْلَقِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِبَعْضِهِمْ زَرْعًا صَدَقَ قَوْلُهُ أَنَّ الزَّارِعَ الْمَذْكُورَ مِنْهُمْ وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي صفة الْجنَّة ان لَك ان لَا تجوع فِيهَا وَلَا تعرى وَأُجِيبَ بِأَنَّ نَفْيَ الشِّبَعِ لَا يُوجِبُ الْجُوعَ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ وَهِيَ الْكِفَايَةُ وَأَكْلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِلتَّنَعُّمِ وَالِاسْتِلْذَاذِ لَا عَنِ الْجُوعِ وَاخْتُلِفَ فِي الشِّبَعِ فِيهَا وَالصَّوَابُ أَنْ لَا شِبَعَ فِيهَا إِذْ لَوْ كَانَ لَمَنَعَ دَوَامَ أَكْلِ الْمُسْتَلِذِّ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ جِنْسُ الْآدَمِيِّ وَمَا طُبِعَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي طَلَبِ الِازْدِيَادِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ بعون الله تَعَالَى

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 488
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست