من مؤمن خصوصا في مقام التعليم والإرشاد وفي موقف النقاش والحجاج لأن القول بأن اللفظ حقيقة أو مجاز لا ينظر فيه إلى علم الله وما هو عنده ولكن ينظر فيه إلى المعنى الذي وضع له اللفظ في عرف اللغة والاستواء في اللغة العربية يدل على ما هو مستحيل على الله في ظاهره فلا بد إذن من صرفه عن هذا الظاهر واللفظ إذا صرف عما وضع له واستعمل في غير ما وضع له خرج عن الحقيقة إلى المجاز لا محالة ما دامت هناك قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي ثم إن كلامهم بهذه الصورة فيه تلبيس على العامة وفتنة لهم فكيف يواجهونهم به ويحملونهم عليه وفي ذلك ما فيه من الإضلال وتمزيق وحدة الأمة الأمر الذي نهانا القرآن عنه والذي جعل عمر يفعل ما يفعل بصبغ أو بابن صبيغ وجعل مالكا يقول ما يقول ويفعل ما يفعل بالذي سأله عن الاستواء وقد مر بك هذا وذاك.
لو أنصف هؤلاء لسكتوا عن الآيات والأخبار المتشابهة واكتفوا بتنزيه الله تعالى عما توهمه ظواهرها من الحدوث ولوازمه ثم فوضوا الأمر في تعيين معانيها إلى الله وحده وبذلك يكونوه سلفيين حقا لكنها شبهات عرضت لهم في هذا المقام فشوشت حالهم وبلبلت أفكارهم فلنعرضها عليك مع ما أشبهها والله يتولى هدانا وهداهم ويجمعنا جميعا على ما يحبه ويرضاه آمين.
دفع الشبهات الواردة في هذا المقام
الشبهة الأولى ودفعها:
يقولون إن القول بأن الله لا جهة له وأنه ليس فوقا ولا تحتا ولا يمينا ولا شمالا إلى غير ذلك يستلزم أن الله غير موجود أو هو قول بأن الله غير موجود فإن التجرد من الإنصاف بهذه المتقابلات جملة أمر لا يوسم به إلا المعدوم ومن لم يتشرف بشرف الوجود.
وندفع هذه الشبهة بأمور: