responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 139
وثانيها: إنَّ ضعفهم أفقدهم قوة الإيمان، والشك في حكم الديَّان، حتى إنهم ليقولون لموسى -عليه السلام: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون. وذلك تهكُّم يدل على وَهَن إيمانهم، كما وهنت نفوسهم.
وثالثها: إنَّ الأمم لا تتربَّى إلَّا بتعوّد خشونة العيش، كما تعوَّدت نعومته، وأن تذوق جشبه كما ذاقت حلاوته، ولذلك بَيِّنَ الله -سبحانه وتعالى- أنه لا يمكن أن يدخلوا الأرض المقدَّسة التي كتب الله تعالى عليهم أن يدخلوها، فقال سبحانه: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} .
وهذا كما يبدو من الآية تحريم كوني، أي: إنَّه لا يمكن أن يستطيعوا الدخول إلى الأرض المقدسة مقاتلين مجاهدين إلَّا بعد أن يذهب عنهم ذل الوهن، ويأتي جيل جديد قد ذاق طعم الشدة، وعلم الحياة نضالًا، ولم يعلمها استكانة وضعفًا، والتقدير بالأربعين لا أحسب أنه يقصد به العدد، ولكن يقصد به الكثرة التي تنشئ جيلًا تربَّى في شظف العيش وصلابة الحياة وقسوتها.
ولقد أخذ هذه الحقيقة القرآنية ابن خلدون، وجعل أساس قوة الأمم شدة الحياة وصلابتها، فإنها إذا استرخت أدال الله منها بقوم أولي بأس شديد تربَّوا في البداوة، وذاقوا بأسها.

2- قصص القرآن لون من تصريف بيانه:
83- ذكرنا أنَّ البيان القرآني فيه تصريف القول على ألوانٍ متعددة متباينة في حقيقتها متلاقية في غياتها، ولا يمكن أن يكون لكلام بشر مع سموِّ البلاغة وبلوغها المقام الذي يناصى في كل أصنافها، بل لا يمكن أن يبلغ الغاية في صنف واحد من أصنافها، وقد ذكرنا ما في القرآن من إطناب من غير تكرار، وذكرنا ما يتوهم فيه التكرار في القصص، وبيَّنَّا أنه لا تكرار يعد ترديدًا ولو على سبيل التوكيد، وما يتوهم فيه التكرار إنما هو تجديد المعنى لغاية أخرى ومقصد آخر، وكان الذكر لما يتوهم تكراره فيه كمال المعنى، ولا يمكن أن يستغنى القول عنه، إنما التكرار المردود يكون فيما لو حذف المتوهم تكراره ما نقصت الغاية، وما اختل بيان المقصد، وتكرار القرآن ليس على هذا، بل هو تكميل لا بُدَّ منه، وتتميم لا يستغنى عنه، وذلك يكون في القصص، وفي الاستدلال بآيات الله تعالى الكونية، على وحدة من خلق وكون وأبدع، وقد ضربنا على ذلك الأمثال.
والان نذكر القصص القرآني على أنه لون من تصريف البيان القرآني، وتغير أشكاله كما ذكر الله تعالى في القرآن: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} .

نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست