responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 99
بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً} فَسَمَّى الْجَدَّ وَالْعَمَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَبًا، وَقَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38] ، وَقَدْ احْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ فِي تَوْرِيثِ الْجَدِّ دُونَ الْإِخْوَةِ. وَرَوَى الْحَجَّاجُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ وَاَللَّهِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ جَدًّا وَلَا جَدَّةً إلَّا أَنَّهُمْ الْآبَاءُ {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} ".
وَاحْتِجَاجُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَوْرِيثِ الْجَدِّ دُونَ الْإِخْوَةِ وَإِنْزَالِهِ مَنْزِلَةَ الْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ عِنْدَ فَقْدِهِ يَقْتَضِي جَوَازَ الِاحْتِجَاجِ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] فِي اسْتِحْقَاقِهِ الثُّلُثَيْنِ دُونَ الْإِخْوَةِ كَمَا يَسْتَحِقُّ الْأَبُ دُونَهُمْ إذَا كَانَ بَاقِيًا; وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْأَبِ يَتَنَاوَلُ الْجَدَّ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُ وَحُكْمُ الْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ; إذْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ; وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ، قَالَ عُثْمَانُ: قَضَى أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ، وَأَطْلَقَ اسْمَ الْأُبُوَّةِ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْجَدِّ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنْ الثُّلُثِ فَيُعْطَى الثُّلُثَ وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِقَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَدِّ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الْإِخْوَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنْ السُّدُسِ، فَيُعْطَى السُّدُسَ وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْهُ شَيْئًا.
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ فِيهِ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ. وَالْحِجَاجُ لِلْفَرْقِ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْحِجَاجَ بِالْآيَةِ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى إيَّاهُ أَبًا، وَالثَّانِي: احْتِجَاجُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ وَإِطْلَاقُهُ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ; لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمَا حُكْمُ الْأَسْمَاءِ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ; وَإِنْ كَانَا أَطْلَقَاهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَحُجَّتُهُ ثَابِتَةٌ; إذْ كَانَتْ أَسْمَاءُ الشَّرْعِ طَرِيقُهَا التَّوْقِيفُ، وَمَنْ يَدْفَعُ الِاحْتِجَاجَ بِهَذَا الظَّاهِرِ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى الْعَمَّ أَبًا فِي الْآيَةِ لِذِكْرِهِ إسْمَاعِيلَ فِيهَا وَهُوَ عَمُّهُ وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي" يَعْنِي الْعَبَّاسَ وَهُوَ عَمُّهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْجَدَّ إنَّمَا سُمِّيَ أَبًا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِجَوَازِ انْتِفَاءِ اسْمِ الْأَبِ عَنْهُ; لِأَنَّك لَوْ قُلْت لِلْجَدِّ إنَّهُ لَيْسَ بِأَبٍ لَكَانَ ذَلِكَ نَفْيًا صَحِيحًا، وَأَسْمَاءُ الْحَقَائِقِ لَا تَنْتَفِي عَنْ مُسَمَّيَاتِهَا بِحَالٍ. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْجَدَّ إنَّمَا سُمِّيَ أَبًا بِتَقْيِيدِ، وَالْإِطْلَاقُ لَا يَتَنَاوَلُهُ، فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ فِيهِ بِعُمُومِ لَفْظِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْآيَةِ، وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْأَبَ الْأَدْنَى فِي قَوْله تَعَالَى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} [النساء: 11] مُرَادٌ بِالْآيَةِ فَلَا

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست