responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 645
يَخَافُ خَرَابَهَا فَيَسْكُنَهَا الْمُرْتَهِنُ لَا يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَإِنَّمَا يُرِيدُ إصْلَاحَهَا". وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: "إذَا لَبِسَ الْمُرْتَهِنُ الْخَاتَمَ لِلتَّجَمُّلِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَبِسَهُ لِيَحُوزَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ". وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: "لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدُ الرَّهْنَ بِطَعَامِهِ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ بِقَدْرِ الْعَمَلِ، فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ أَكْثَرَ أَخَذَ فَضْلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ". وَقَالَ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيمَا رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ" أَيْ مَنْ رَهَنَ ذَاتَ ظَهْرٍ وَدَرٍّ لَمْ يَمْنَعْ الرَّهْنُ مِنْ ظَهْرِهَا وَدَرِّهَا، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْعَبْدَ وَيَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَيَحْلُبَ الدَّرَّ وَيَجُزَّ الصُّوفَ وَيَأْوِيَ بِاللَّيْلِ إلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} فَجَعَلَ الْقَبْضَ مِنْ صِفَاتِ الرَّهْنِ، أَوْجَبَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اسْتِحْقَاقُ الْقَبْضِ مُوجِبًا لِإِبْطَالِ الرَّهْنِ، فَإِذَا آجَرَهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ; لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ اسْتَحَقَّ الْقَبْضَ الَّذِي بِهِ يَصِحُّ الرَّهْنُ. وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْعَارِيَّةِ عِنْدَنَا; لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ الْقَبْضِ; إذْ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرُدَّ الْعَارِيَّةَ إلَى يَدِهِ مَتَى شَاءَ. وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ إجَارَتَهُ وَالِانْتِفَاعَ بِهِ بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَبَنُ الدَّرِّ يُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا وَالظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلُبُ النَّفَقَةُ" فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ لِرُكُوبِ ظَهْرِهِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّاهِنَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِمِلْكِهِ لَا لِرُكُوبِهِ وَلَبَنِهِ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُرْكَبُ أَوْ يُحْلَبُ لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ اللَّبَنَ وَالظَّهْرَ لِلْمُرْتَهِنِ بِالنَّفَقَةِ الَّتِي يُنْفِقُهَا. وَقَدْ بَيَّنَّ ذَلِكَ هُشَيْمٌ فِي حَدِيثِهِ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ مَرْهُونَةً فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ عَلَفُهَا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ وَعَلَى الَّذِي يَشْرَبُ نَفَقَتُهَا، وَيُرْكَبُ" فَبَيَّنَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ هُوَ الَّذِي تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَيَكُونُ لَهُ ظَهْرُهُ وَلَبَنُهُ; وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "إنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ" فَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لَا لَهُ. وَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: "لَا يُنْتَفَعُ مِنْ الرَّهْنِ بِشَيْءٍ" فَقَدْ تَرَكَ الشَّعْبِيُّ ذَلِكَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ غَيْرَ ثَابِتٍ فِي الْأَصْلِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا وَهُوَ مَنْسُوخٌ عِنْدَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا لِأَنَّ مِثْلَهُ كَانَ جَائِزًا قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا فَلَمَّا حُرِّمَ الرِّبَا وَرُدَّتْ الْأَشْيَاءُ إلَى مَقَادِيرِهَا; صَارَ ذَلِكَ مَنْسُوخًا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَعَلَ النَّفَقَةَ بَدَلًا مِنْ اللَّبَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ؟ وَهُوَ نَظِيرُ مَا رُوِيَ فِي الْمُصَرَّاةِ أَنَّهُ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ مِقْدَارَ اللَّبَنِ الَّذِي أَخَذَهُ وَذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَنَا مَنْسُوخٌ بِتَحْرِيمِ الرِّبَا. وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِإِيجَابِ الركوب واللبن

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 645
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست