responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 637
مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ" وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ: "لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ". وَقَالَ مَالِكٌ: "إذَا جَعَلَاهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَضَيَاعُهُ مِنْ الرَّاهِنِ". وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رَهْنِ شِقْصِ السَّيْفِ: "إنَّ قَبْضَهُ أَنْ يُحَوِّلَ حَتَّى يَضَعَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ أَوْ عَلَى يَدَيْ الشَّرِيكِ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ عَزَّ وجل: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} يَقْتَضِي جَوَازَهُ إذَا قَبَضَهُ الْعَدْلُ; إذْ لَيْسَ فِيهِ فَصْلٌ بَيْنَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ، وَعُمُومُهُ يَقْتَضِي جَوَازَ قَبْضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَدْلَ وَكِيلٌ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْقَبْضِ، فَكَانَ الْقَبْضُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكَالَةِ فِي الْهِبَةِ وَسَائِرِ الْمَقْبُوضَاتِ بِوَكَالَةِ مَنْ لَهُ الْقَبْضُ فِيهَا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ الْعَدْلُ وَكِيلًا لِلْمُرْتَهِنِ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ، وَلَمَا كَانَ لِلْعَدْلِ أَنْ يَمْنَعَهُ إيَّاهُ. قِيلَ لَهُ: هَذَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا وَقَابِضًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَرْضَ بِيَدِهِ وَإِنَّمَا رَضِيَ بِيَدِ وَكِيلِهِ; أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَى هُوَ قَابِضٌ لِلسِّلْعَةِ لِلْمُوَكِّلِ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا بِالثَّمَنِ وَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْحَبْسِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ؟ وَلَيْسَ جَوَازُ حَبْسِ الْوَكِيلِ الرَّهْنِ عَنْ الْمُرْتَهِنِ عَلَمًا لِنَفْيِ الْوَكَالَةِ وَكَوْنِهِ قَابِضًا لَهُ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَدَ الْعَدْلِ يَدُ الْمُرْتَهِنِ وَأَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي الْقَبْضِ، أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ مَتَى شَاءَ أَنْ يَفْسَخَ هَذَا الرَّهْنَ وَيُبْطِلَ يَدَ الْعَدْلِ وَيَرُدَّهُ إلَى الرَّهْنِ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ إبْطَالُ يَدِ الْعَدْلِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَدْلَ وَكِيلٌ لِلْمُرْتَهِنِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ جَعَلَا الْمَبِيعَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِهِ، كَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ. قِيلَ لَهُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَدْلَ فِي الْبَيْعِ لَوْ صَارَ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي لَخَرَجَ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَفِي خُرُوجِهِ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِهِ سُقُوطُ حَقِّهِ مِنْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَجَازَ قَبْضَهُ بَطَلَ حَقُّهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِرْجَاعُهُ؟ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ لَهُ إلَّا قَبْضٌ وَاحِدٌ، فَمَتَى وُجِدَ سَقَطَ حَقُّ الْبَائِعِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى يَدِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ. فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْعَدْلُ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ وَكِيلًا لَهُ لَصَارَ قَابِضًا لَهُ قَبْضَ بَيْعٍ وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي مَمْنُوعًا مِنْهُ، فَكَانَ لَا مَعْنَى لِقَبْضِ الْعَدْلِ بَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي كَأَنَّهُ قَبَضَهُ وَالْبَائِعُ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَجُزْ إثْبَاتُهُ وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ لِلْمُشْتَرِي لَتَمَّ الْبَيْعُ فِيهِ، وَفِي تَمَامِ الْبَيْعِ سُقُوطُ حَقِّ الْبَائِعِ فِيهِ، فَلَا مَعْنَى لِبَقَائِهِ فِي يَدَيْ الْعَدْلِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَهُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ; وَلَيْسَ كَذَلِكَ الرَّهْنُ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَدْلِ وَكِيلًا لِلْمُرْتَهِنِ لَا يُوجِبُ إبْطَالَ حَقِّ الرَّاهِنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ حَقَّ الرَّاهِنِ بَاقٍ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ؟ فَكَذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِ الْعَدْلِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَبْضِ الْعَدْلِ وَقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ; وَفَارَقَ الْعَدْلَ فِي الشِّرَى لِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي; إذْ كَانَ يَصِيرُ فِي مَعْنَى قَبْضِ الْمُشْتَرِي فِي خُرُوجِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَدُخُولِهِ في

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 637
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست