responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 49
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّهُمْ لَمْ يَتَمَنَّوْا لِأَنَّهُمْ لَوْ تَمَنَّوْا لَكَانَ ذَلِكَ ضَمِيرًا مُغَيَّبًا عِلْمُهُ عَنْ النَّاسِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّكُمْ قَدْ تَمَنَّيْتُمْ [1] بِقُلُوبِكُمْ؟ قِيلَ لَهُ: هَذَا يَبْطُلُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ لِلتَّمَنِّي صِيغَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَائِلِ: لَيْتَ اللَّهَ غَفَرَ لِي، وَلَيْتَ زَيْدًا قَدِمَ; وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى، وَهُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْكَلَامِ وَمَتَى قَالَ ذَلِكَ قَائِلٌ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مُتَمَنِّيًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ لِضَمِيرِهِ وَاعْتِقَادِهِ، كَقَوْلِهِمْ فِي الْخَبَرِ وَالِاسْتِخْبَارِ وَالنِّدَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَقْسَامِ الْكَلَامِ وَالتَّحَدِّي بِتَمَنِّي الْمَوْتَ إنَّمَا تَوَجَّهَ إلَى الْعِبَارَةِ الَّتِي فِي لُغَتِهِمْ أَنَّهَا تَمَنٍّ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَحَدَّاهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالتَّكْذِيبِ وَالتَّوْقِيفِ عَلَى عِلْمِهِمْ بِصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ وَبَهْتِهِمْ وَمُكَابَرَتِهِمْ فِي أَمْرِهِ فَيَتَحَدَّاهُمْ بِأَنْ يَتَمَنَّوْا ذَلِكَ بِقُلُوبِهِمْ مَعَ عِلْمِ الْجَمِيعِ بِأَنَّ التَّحَدِّيَ بِالضَّمِيرِ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَحَدٌ فَلَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَقَالِهِ وَلَا فَسَادِهَا، وَأَنَّ الْمُتَحَدَّى بِذَلِكَ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ قَدْ تَمَنَّيْت بِقَلْبِي ذَلِكَ وَلَا يُمْكِنْ لِخَصْمِهِ إقَامَةُ الدَّلِيلِ عَلَى كَذِبِهِ وَأَيْضًا فَلَوْ انْصَرَفَ ذَلِكَ إلَى التَّمَنِّي بِالْقَلْبِ دُونَ الْعِبَارَةِ بِاللِّسَانِ لَقَالُوا: قَدْ تَمَنَّيْنَا ذَلِكَ بِقُلُوبِنَا; فَكَانُوا مُسَاوِينَ لَهُ فِيهِ وَيَسْقُطُ بِذَلِكَ دَلَالَتُهُ عَلَى كَذِبِهِمْ وَعَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَالُوهُ لَنُقِلَ كَمَا لَوْ عَارَضُوا الْقُرْآنَ بِأَيِّ كَلَامٍ كَانَ لَنُقِلَ، فَعُلِمَ أَنَّ التَّحَدِّيَ وَقَعَ بِالتَّمَنِّي بِاللَّفْظِ والعبارة دون الضمير والاعتقاد.

[1] قوله "قد تمنيتم بقلوبكم" هكذا في النسخة التي بأيدينا ولعل الصواب "ما تمنيتم" بدليل الجواب الآتي "لمصححه".
بَابُ السِّحْرِ وَحُكْمُ السَّاحِرِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} إلَى آخَرِ الْقِصَّةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَاجِبُ أَنْ نُقَدِّمَ الْقَوْلَ فِي السِّحْرِ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَضْلًا عَنْ الْعَامَّةِ، ثُمَّ نُعَقِّبُهُ بِالْكَلَامِ فِي حُكْمِهِ فِي مُقْتَضَى الْآيَةِ فِي الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ، فَنَقُولُ: إنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يَذْكُرُونَ أَنَّ أَصْلَهُ فِي اللُّغَةِ لِمَا لَطُفَ وَخَفِيَ سَبَبُهُ، وَالسَّحَرُ عِنْدَهُمْ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْغِذَاءِ لِخَفَائِهِ وَلُطْفِ مَجَارِيهِ، قَالَ لَبِيدٌ:
أَرَانَا مَوْضِعَيْنِ لِأَمْرِ غَيْبٍ ... وَنُسْحِرُ بِالطَّعَامِ وَبِالشَّرَابِ
قِيلِ: فِيهِ وَجْهَانِ: نُعَلَّلُ وَنُخْدَعُ كَالْمَسْحُورِ وَالْمَخْدُوعِ، وَالْآخَرُ: نُغَذَّى، وَأَيُّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ فَمَعْنَاهُ الْخَفَاءُ وَقَالَ آخَرُ:
فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا ... عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ
بَابُ السِّحْرِ وَحُكْمُ السَّاحِرِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} إلَى آخَرِ الْقِصَّةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَاجِبُ أَنْ نُقَدِّمَ الْقَوْلَ فِي السِّحْرِ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَضْلًا عَنْ الْعَامَّةِ، ثُمَّ نُعَقِّبُهُ بِالْكَلَامِ فِي حُكْمِهِ فِي مُقْتَضَى الْآيَةِ فِي الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ، فَنَقُولُ: إنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يَذْكُرُونَ أَنَّ أَصْلَهُ فِي اللُّغَةِ لِمَا لَطُفَ وَخَفِيَ سَبَبُهُ، وَالسَّحَرُ عِنْدَهُمْ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْغِذَاءِ لِخَفَائِهِ وَلُطْفِ مَجَارِيهِ، قَالَ لَبِيدٌ:
أَرَانَا مَوْضِعَيْنِ لِأَمْرِ غَيْبٍ ... وَنُسْحِرُ بِالطَّعَامِ وَبِالشَّرَابِ
قِيلِ: فِيهِ وَجْهَانِ: نُعَلَّلُ وَنُخْدَعُ كَالْمَسْحُورِ وَالْمَخْدُوعِ، وَالْآخَرُ: نُغَذَّى، وَأَيُّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ فَمَعْنَاهُ الْخَفَاءُ وَقَالَ آخَرُ:
فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا ... عَصَافِيرُ من هذا الأنام المسحر
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست