responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 483
بَابُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} الآية. قوله تعالى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْبُلُوغِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَالْعَضْلُ يَعْتَوِرُهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، وَالْآخَرُ الضِّيقُ; يُقَالُ: "عَضَلَ الْفَضَاءُ بِالْجَيْشِ" إذَا ضَاقَ بِهِمْ، وَالْأَمْرُ الْمُعْضِلُ هُوَ الْمُمْتَنِعُ، وَدَاءٌ عُضَالٌ: مُمْتَنِعٌ. وَفِي التَّضْيِيقِ يُقَالُ: "عَضَلْت عَلَيْهِمْ الْأَمْرَ" إذَا ضَيَّقْت، و "عَضَلَتْ الْمَرْأَةُ بِوَلَدِهَا" إذَا عَسَرَ وِلَادُهَا، وَأَعْضَلَتْ; وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ; لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُمْتَنِعَ يَضِيقُ فِعْلُهُ وَزَوَالُهُ وَالضِّيقُ مُمْتَنِعُ أَيْضًا. وَرُوِيَ أَنَّ الشَّعْبِيَّ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ صَعْبَةٍ فَقَالَ: "زَبَّاءُ ذَاتُ وَبَرٍ لَا تَنْسَابُ وَلَا تَنْقَادُ، وَلَوْ نَزَلَتْ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ لَأَعْضَلَتْ بِهِمْ". وقَوْله تَعَالَى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} مَعْنَاهُ: لَا تَمْنَعُوهُنَّ أَوْ لَا تُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ فِي التَّزْوِيجِ.
وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ وُجُوهٍ عَلَى جَوَازِ النِّكَاحِ إذَا عَقَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا بِغَيْرِ وَلِيِّ وَلَا

بَابُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} الآية. قوله تعالى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْبُلُوغِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَالْعَضْلُ يَعْتَوِرُهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، وَالْآخَرُ الضِّيقُ; يُقَالُ: "عَضَلَ الْفَضَاءُ بِالْجَيْشِ" إذَا ضَاقَ بِهِمْ، وَالْأَمْرُ الْمُعْضِلُ هُوَ الْمُمْتَنِعُ، وَدَاءٌ عُضَالٌ: مُمْتَنِعٌ. وَفِي التَّضْيِيقِ يُقَالُ: "عَضَلْت عَلَيْهِمْ الْأَمْرَ" إذَا ضَيَّقْت، و "عَضَلَتْ الْمَرْأَةُ بِوَلَدِهَا" إذَا عَسَرَ وِلَادُهَا، وَأَعْضَلَتْ; وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ; لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُمْتَنِعَ يَضِيقُ فِعْلُهُ وَزَوَالُهُ وَالضِّيقُ مُمْتَنِعُ أَيْضًا. وَرُوِيَ أَنَّ الشَّعْبِيَّ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ صَعْبَةٍ فَقَالَ: "زَبَّاءُ ذَاتُ وَبَرٍ لَا تَنْسَابُ وَلَا تَنْقَادُ، وَلَوْ نَزَلَتْ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ لَأَعْضَلَتْ بِهِمْ". وقَوْله تَعَالَى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} مَعْنَاهُ: لَا تَمْنَعُوهُنَّ أَوْ لَا تُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ فِي التَّزْوِيجِ.
وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ وُجُوهٍ عَلَى جَوَازِ النِّكَاحِ إذَا عَقَدَتْ عَلَى نفسها بغير ولي ولا

وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً} رُوِيَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَقُولُ كُنْت لَاعِبًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً} فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ طَلَّقَ أَوْ حَرَّرَ أَوْ نَكَحَ فَقَالَ كُنْت لَاعِبًا فَهُوَ جَادٌّ" فَأَخْبَرَ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ، وَأَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَعِبَ الطَّلَاقِ وَجِدِّهِ سَوَاءٌ. وَكَذَلِكَ الرَّجْعَةُ; لِأَنَّهُ ذُكِرَ عَقِيبَ الْإِمْسَاكِ أَوْ التَّسْرِيحِ، فَهُوَ عَائِدٌ عَلَيْهِمَا; وَقَدْ أَكَّدَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بَيَّنَهُ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ مَاهَك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ". وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: "أَرْبَعٌ وَاجِبَاتٌ عَلَى كُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِنَّ: الْعَتَاقُ وَالطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالنَّذْرُ". وَرَوَى جَابِرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: "ثَلَاثٌ لَا يُلْعَبُ بِهِنَّ: الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالصَّدَقَةُ". وَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "إذَا تَكَلَّمْت بِالنِّكَاحِ فَإِنَّ النِّكَاحَ جِدُّهُ وَلَعِبُهُ سَوَاءٌ، كَمَا أَنَّ جِدَّ الطَّلَاقِ وَلَعِبَهُ سَوَاءٌ". وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ; وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. وَهَذَا أَصْلٌ فِي إيقَاعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ; لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَوَى حُكْمُ الْجَادِّ وَالْهَازِلِ فِيهِ، وَكَانَا إنَّمَا يَفْتَرِقَانِ مَعَ قَصْدِهِمَا إلَى الْقَوْلِ مِنْ جِهَةِ وُجُودِ إرَادَةِ أَحَدِهِمَا لِإِيقَاعِ حُكْمِ مَا لَفَظَ بِهِ وَالْآخِرُ غَيْرُ مُرِيدٍ لِإِيقَاعِ حُكْمِهِ، لَمْ يَكُنْ لِلنِّيَّةِ تَأْثِيرٌ فِي دَفْعِهِ، وَكَانَ الْمُكْرَهُ قَاصِدًا إلَى الْقَوْلِ غَيْرَ مُرِيدٍ لِحُكْمِهِ لَمْ يَكُنْ لِفَقْدِ نِيَّةِ الْإِيقَاعِ تَأْثِيرٌ فِي دَفْعِهِ; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ شَرْطَ وُقُوعِهِ وُجُودُ لَفْظِ الْإِيقَاعِ مِنْ مُكَلَّفٍ; وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 483
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست