responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 358
حُكْمُ صَوْمِ التَّمَتُّعِ، وَأَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَيْضًا لَمَّا قَالَ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} وَلَمْ يَكُنْ صَوْمُ هَذِهِ الْأَيَّامِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّ الْحَجَّ فَائِتٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَصُومَهَا.
فَإِنْ قِيلَ: لَمَّا قَالَ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} وَهَذِهِ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ، وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ صَوْمُهُنَّ فِيهَا. قِيلَ لَهُ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ نَهْيَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ صَوْمِ هَذِهِ الْأَيَّامِ قَاضٍ عَلَيْهِ وَمُخَصِّصٌ لَهُ كَمَا خَصَّ قَوْله تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} نَهْيُهُ عَنْ صِيَامِ هَذِهِ الْأَيَّامِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَائِزًا لَا أَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ أَجْوَزَ لِأَنَّهُ أَخَصُّ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالْحَجِّ بِقَوْلِهِ: "الْحَجُّ عَرَفَةَ" فَقَوْلُهُ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ عَرَفَةَ. وَرُوِيَ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ; وَقَدْ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يَصُومُ يَوْمَ النَّحْرِ مَعَ أَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ، فَمَا لَمْ يُسَمَّ يَوْمُ الْحَجِّ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْ صَوْمُهَا أَحْرَى أَنْ لَا يَصُومَ فِيهَا; وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، إنَّمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَجِّ، وَهُوَ رَمْيُ الْجِمَارِ، فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فِي ذَلِكَ، فَلَيْسَ هُوَ إذًا مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ، فَلَا يَكُونُ صَوْمُهَا صَوْمًا فِي الْحَجِّ. وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي صَوْمِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى، فَإِنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يُجِيزُوهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} فَجَعَلَ أَصْلَ الْفَرْضِ هُوَ الْهَدْيَ وَنَقَلُهُ إلَى صَوْمٍ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ وَقَدْ فَاتَ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ هُوَ الْهَدْيَ، كَقَوْلِهِ: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: 92] وقوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، فَغَيْرُ جَائِزٍ وُقُوعُهَا عَنْ الْكَفَّارَةِ إلَّا عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَكْثَرُ مَا فِيهِ إيجَابُ فِعْلِهِ فِي وَقْتِ، فَلَا يُسْقِطُهُ فَوَاتُهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] وَ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وقوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِنْ الْفُرُوضِ الْمَخْصُوصَةِ بِأَوْقَاتِهَا ثُمَّ لَمْ يَكُنْ فَوَاتُهَا مُسْقِطًا لَهَا. فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ مَخْصُوصٍ بِوَقْتٍ فَإِنَّ فَوَاتَ الْوَقْتِ يُسْقِطُهُ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى دَلَالَةٍ أُخْرَى فِي إيجَابِ فَرْضٍ آخَرَ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ فِي هَذَا الْوَقْتِ الثَّانِي هُوَ غَيْرُ الْمَفْرُوضِ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ، وَلَوْلَا قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا" لَمَا وَجَبَ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ إذَا فَاتَتْ عَنْ أَوْقَاتِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْلَا قَوْلُهُ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} لَمَا وَجَبَ قَضَاءُ صَوْمِ رَمَضَانَ بَعْدَ فَوَاتِهِ عَنْ وَقْتِهِ، وَلَمَّا كَانَ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مَخْصُوصًا بِوَقْتٍ وَمَعْقُودًا بِصِفَةٍ وَهُوَ فِعْلُهُ فِي الْحَجِّ ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ وَفِي الْوَقْتِ الْمَخْصُوصِ بِهِ لَمْ يَجُزْ إيجَابُ قَضَائِهِ وَإِقَامَةُ غَيْرِهِ مُقَامَهُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ. وَالثَّانِي: أن صوم

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست