responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 351
مَسِيرَةُ عَشْرِ لَيَالٍ؟ قِيلَ لَهُ: إنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَهُمْ فِي حُكْمِهِمْ فِي بَابِ جَوَازِ دُخُولِهِمْ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَفِي بَابِ أَنَّهُمْ مَتَى أَرَادُوا الْإِحْرَامَ أَحْرَمُوا مِنْ مَنَازِلِهِمْ، كَمَا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ إذَا أَرَادُوا الْإِحْرَامِ أَحْرَمُوا مِنْ مَنَازِلِهِمْ; فَيَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ; وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَأْنِ الْبُدْنِ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مِنًى مَنْحَرٌ وَفِجَاجُ مَكَّةَ مَنْحَرٌ". فَكَانَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ الْبَيْتِ مَا قَرُبَ مِنْ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهَا. وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25] وَهِيَ مَكَّةُ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا. فَهَاتَانِ الْمُتْعَتَانِ قَدْ بَيَّنَّا حُكْمَهُمَا، وَهُمَا الْقِرَانُ وَالتَّمَتُّعُ. وَأَمَّا الْمُتْعَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنَّهَا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنْ يُحْصَرَ الْحَاجُّ الْمُفْرِدُ بِمَرَضٍ أَوْ أَمْرٍ يَحْبِسُهُ فَيَقْدُمُ فَيَجْعَلُهَا عُمْرَةً وَيَتَمَتَّعُ بِحَجَّةٍ إلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَيَحُجُّ، فَهَذَا الْمُتَمَتِّعُ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ; فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُحْصَرَ لَا يُحِلُّ وَلَكِنَّهُ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَذْبَحَ عَنْهُ الْهَدْيَ يَوْمَ النَّحْرِ يَوْمَ يَحْلِقُ، وَيَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَقْدُمَ مَكَّةَ فَيَتَحَلَّلُ مِنْ حَجِّهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ. وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ثم قال: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِيمَا أَبَاحَ مِنْ الْإِحْلَالِ بِالْحَلْقِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا الْحَلْقَ لِلْإِحْلَالِ مِنْ الْعُمْرَةِ فَكَذَلِكَ الْحَجُّ; وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حِينَ أُحْصِرُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ حَلَقَ هُوَ وَحَلَّ وَأَمَرَهُمْ بِالْإِحْلَالِ. وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ عَمَلَ الْعُمْرَةِ الَّذِي يَلْزَمُ بِالْفَوَاتِ لَيْسَ بِعُمْرَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَمَلُ عُمْرَةٍ مَفْعُولٌ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ إنَّمَا قَالَ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} وَلَيْسَ الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ بِالْمُعْتَمِرِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} وَهُوَ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِيَصِلَ بِهِ إلَى الْحَلْقِ يَوْمَ النَّحْرِ، سَوَاءٌ حَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَحُجَّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحُجَّ إلَّا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ لَكَانَ الْهَدْيُ قَائِمًا؟ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ لَيْسَ هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ; لِأَنَّ مَا فِي الْآيَةِ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْهَدْيُ فِيهِ بِفِعْلِ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَالدَّمُ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِالْإِحْصَارِ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِوُجُودِ الْحَجِّ بَعْدَ الْعُمْرَةِ. وَهَذِهِ الْمُتْعَةُ هِيَ الْإِحْلَالُ إلَى النِّسَاءِ، إلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَأَمَّا الْمُتْعَةُ الرَّابِعَةُ فَهِيَ فَسْخُ الْحَاجِّ إذَا طَافَ لَهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ; وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ بِذَلِكَ غَيْرَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ حَدَّثَنَا جعفر بن محمد الواسطي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حدثنا أبو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ إلَّا أَحَلَّ" قَالَ: قُلْتُ: إنَّمَا هَذَا بَعْدَ الْمُعَرَّفِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قَبْلُ وَبَعْدُ، قَالَ: قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ كَانَ يَأْخُذُ هَذَا؟

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست