responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 149
كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ لَتَأَلَّمَ بِقَطْعِهَا كَمَا يُؤْلِمُهُ قَطْعُ سَائِرِ أَعْضَائِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الشَّعْرَ وَالصُّوفَ وَالْعَظْمَ وَالْقَرْنَ وَالظِّلْفَ وَالرِّيشَ لَا حَيَاةَ فِيهَا، فَلَا يَلْحَقُهَا حُكْمُ الْمَوْتِ، وَوُجُودُ النَّمَاءِ فِيهَا لَا يُوجِبُ لَهَا حَيَاةً; لِأَنَّ الشَّجَرَ وَالنَّبَاتَ يَنْمِيَانِ وَلَا حَيَاةَ فِيهِمَا وَلَا يَلْحَقُهُمَا حُكْمُ الْمَوْتِ، فَكَذَلِكَ الشَّعْرُ وَالصُّوفُ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَا بَانَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ" وَيَبِينُ مِنْهَا الشَّعْرُ وَالصُّوفُ وَلَا يَلْحَقُهُمَا حُكْمُ الْمَوْتِ، فَلَوْ كَانَ مِمَّا يَلْحَقُهُمَا حُكْم الْمَوْتِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَحِلَّ بِذَكَاةِ الْأَصْلِ كَسَائِرِ أَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ حُكْمُ الْمَوْتِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَكَاةٍ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمَ إبَاحَةُ شَعْرِ الْمَيْتَةِ وَصُوفِهَا. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ كَرَاهِيَةُ الْمَيْتَةِ وَعِظَامِ الْفِيلِ، وَعَنْ طَاوُسٍ كَرَاهَةُ عِظَامِ الْفِيلِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى عَلَى رَجُلٍ فَرْوًا فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُهُ ذَكِيًّا لَسَرَّنِي أَنْ يَكُونَ لِي مِنْهُ ثَوْبٌ. وَذَكَرَ أَنَسٌ أَنَّ عُمَرَ رَأَى عَلَى رَجُلٍ قَلَنْسُوَةَ ثَعْلَبٍ فَنَزَعَهَا وَقَالَ: مَا يُدْرِيك لَعَلَّهُ مِمَّا لَمْ يُذَكَّ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ، فَكَرِهَهَا قَوْمٌ وَأَبَاحَهَا أَصْحَابُنَا وَمَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَقَدْ رَوَى عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَمُطَرِّفٌ عَنْ عَمَّارٍ إبَاحَةَ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالضَّحَّاكِ وَابْنِ سِيرِينَ: لَا بَأْسِ بِلُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ. وَعَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْفِرَاءِ: دِبَاغُهَا ذَكَاتُهَا.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ "نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ" وَقَتَادَةُ عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَعْلَمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ سُرُوجِ النُّمُورِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا؟ قَالُوا: نَعَمْ. وَقَدْ تَنَازَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ مَعْنَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، فَقَالَ قَائِلُونَ: هَذَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ لُبْسِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهِيَةِ وَالتَّشَبُّهِ بِزِيِّ الْعَجَمِ، كَمَا رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ [1] وَعَنْ الثِّيَابِ الْحُمْرِ". وَمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي إبَاحَةِ لُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهِيَةِ وَالتَّشَبُّهِ بِالْعَجَمِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ حَدِيثِ سَلْمَانَ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ فِي إبَاحَةِ لُبْسِ الْفِرَاءِ وَالِانْتِفَاعِ بها، وقوله عليه

[1] قوله "وعن لبس القسي" القسي ثياب من كتان مخلوط بحرير يؤتى بها من مصر نسبت إلى قرية على ساحل البحر يقال لها القس بفتح القاف "لمصححه".
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست