responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 134
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ" يُوجِبُ إبَاحَتَهُ جَمِيعَهُ، مِمَّا وُجِدَ مَيِّتًا وَمِمَّا قَتَلَهُ آخِذُهُ. وَقَدْ اسْتَعْمَلَ النَّاسُ جَمِيعُهُمْ هَذَا الْخَبَرَ فِي إبَاحَةِ أَكْلِ الْجَرَادِ فَوَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى عُمُومِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِقَتْلِ آخِذِهِ; إذْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا فَائِدُ أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْجَرَادِ قَالَ: "أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ، لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ". وَمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مُبَاحٌ وَتَرْكُ أَكْلِهِ لَا يُوجِبُ حَظْرَهُ; إذْ جَائِزٌ تَرْكُ أَكْلِ الْمُبَاحِ وَغَيْرُ جَائِزٍ نَفْيُ التَّحْرِيمِ عَمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا مَاتَ وَبَيْنَ مَا قَتَلَهُ آخِذُهُ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ: "غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَبْنَا جَرَادًا فَأَكَلْنَاهُ". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى: "غَزَوْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الْجَرَادَ وَلَا نَأْكُلُ غَيْرَهُ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَيِّتِهِ وَبَيْنَ مَقْتُولِهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا التُّسْتَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْجَرَادَ وَتَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذِهِ الْآثَارُ الْوَارِدَةُ فِي الْجَرَادِ لَمْ يُفَرَّقْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بَيْنَ مَيِّتِهِ وَبَيْنَ مَقْتُولِهِ. فَإِنْ قِيلَ: ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] يَقْتَضِي حَظْرَ جَمِيعِهَا فَلَا يُخَصُّ مِنْهَا إلَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا يَقْتُلُهُ آخِذُهُ، وَمَا عَدَاهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ فِي إيجَابِ تَحْرِيمِهِ قِيلَ لَهُ: تَخُصُّهُ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي إبَاحَتِهِ وَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي تَخْصِيصِ الْآيَةِ. وَلَمْ تُفَرِّقْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهَا، فَلَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا بِالْآيَةِ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهَا قَاضِيَةٌ عَلَى الْآيَةِ مُخَصِّصَةٌ لَهَا. وَلَيْسَ الْجَرَادُ عِنْدَنَا مِثْلَ السَّمَكِ فِي حَظْرِنَا لِلطَّافِي مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ; لِأَنَّ الْأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ فِي تَخْصِيصِ السَّمَكِ بِالْإِبَاحَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَيْتَةِ بِإِزَائِهَا أَخْبَارٌ أُخَرُ فِي حَظْرِ الطَّافِي مِنْهُ، فَاسْتَعْمَلْنَاهَا جَمِيعًا وَقَضَيْنَا بِالْخَاصِّ مِنْهَا عَلَى الْعَامِّ مَعَ مُعَاضَدَةِ الْآيَةِ لِأَخْبَارِ الْحَظْرِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمَّا وَافَقَنَا مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى إبَاحَةِ الْمَقْتُولِ مِنْهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ بِذَكَاةٍ فِي حَقِّهِ لِأَنَّ الذَّكَاةَ فِي الْأَصْلِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَهِيَ فِيمَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ: أَحَدِهِمَا قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ فِي حَالِ إمْكَانِهِ، وَالْآخَرِ: إسَالَةِ دَمِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الذَّبْحِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّيْدَ لَا يَكُونُ مُذَكًّى بِإِصَابَتِهِ إلَّا أَنْ يَجْرَحَهُ وَيَسْفَحَ دَمَهُ؟ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْجَرَادِ دَمٌ سَائِلٌ كَانَ قَتْلُهُ وَمَوْتُهُ حَتْفَ أَنْفِهِ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست