responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 3  صفحه : 253
هذا قول الأكثرين. والثاني: أنه جهاد الكفار، قاله الضحاك. والثالث: أنه جهاد النفس والهوى، قاله عبد الله بن المبارك. فأما حق الجهاد، ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنَّه الجِدُّ في المجاهدة، واستيفاء الإِمكان فيها. والثاني: أنه إخلاص النّيّة لله عزّ وجلّ. والثالث: أنه فِعل ما فيه وفاء لحق الله عزّ وجلّ.

فصل:
وقد زعم قوم أن هذه الآية منسوخة، واختلفوا في ناسخها على قولين: أحدهما: قوله:
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [1] . والثاني: قوله: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [2] وقال آخرون: بل هي مُحْكَمَةٌ، ويؤكده القولان الأولان في تفسير حق الجهاد، وهو الأصح، لأن الله تعالى لا يكلِّف نفساً إِلا وسعها.
قوله تعالى: هُوَ اجْتَباكُمْ أي: اختاركم واصطفاكم لدينه. والحرج: الضِّيق، فما من شيء وقع الإِنسان فيه إِلا وجد له في الشرع مَخرجاً بتوبة أو كفارة أو انتقالٍ إِلى رخصة ونحو ذلك. وروي عن ابن عباس أنه قال: الحرج: ما كان على بني إِسرائيل من الإِصر والشدائد، وضعه الله عن هذه الأمة. قوله تعالى: مِلَّةَ أَبِيكُمْ قال الفراء: المعنى: وسّع عليكم كملَّة أبيكم، فاذا ألقيتَ الكاف نصبتَ، ويجوز النصب على معنى الأمر بها، لأن أول الكلام أمر، وهو قوله تعالى ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا والزموا ملَّة أبيكم.
فإن قيل: هذا الخطاب للمسلمين، وليس إِبراهيم أباً لكُلِّهم. فالجواب: أنه إِن كان خطاباً عامّاً للمسلمين، فهو كالأب لهم، لأنّ حرمته وحقّه عليكم كحقّ الوالد، وإن كان الخطاب للعرب خاصة، فإبراهيم أبو العرب قاطبة، هذا قول المفسرين. والذي يقع لي أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، لأنّ إبراهيم أبوه، وأمّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم داخلة فيما خوطب به رسول الله.
قوله تعالى: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ في المشار إِليه قولان: أحدهما: أنه الله عزّ وجلّ، قاله ابن عباس، ومجاهد، والجمهور فعلى هذا في قوله: مِنْ قَبْلُ قولان. أحدهما: من قبل القرآن سمَّاكم بهذا في الكتب التي أنزلها. والثاني: «مِنْ قَبْلُ» أي: في أُمّ الكتاب، وقوله تعالى: وَفِي هذا أي: في القرآن. والثاني: أنه إِبراهيم عليه السلام حين قال: وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ [3] فالمعنى: من قَبْل هذا الوقت، وذلك في زمان إِبراهيم عليه السلام وفي هذا الوقت حين قال: وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً، هذا قول ابن زيد.
قوله تعالى: لِيَكُونَ الرَّسُولُ المعنى: اجتباكم وسمَّاكم ليكون الرسول يعني محمداً صلى الله عليه وسلّم شَهِيداً عَلَيْكُمْ يوم القيامة أنه قد بلَّغكم وقد شرحنا هذا المعنى في البقرة [4] إِلى قوله: وَآتُوا الزَّكاةَ. قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ قال ابن عباس: سَلُوه أن يَعْصِمكم من كل ما يُسخط.
ويُكْرَه. وقال الحسن: تمسَّكوا بدين الله. وما بعد هذا مشروح في الأنفال [5] .

[1] سورة البقرة: 286.
[2] سورة التغابن: 16.
[3] سورة البقرة: 128.
[4] سورة البقرة: 143.
[5] سورة الأنفال: 40.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 3  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست